كتاب فتح الباري لابن رجب (اسم الجزء: 3)

كما أمرهم بأن يستووا في صفوفهم، وقال: ((لا تختلفوا فتختلف قلوبكم)) . انتهى ما ذكره.
وهو مناسبة بعيدة جدا؛ فإن التشبيك كما مثل به الاختلاف والافتراق فقد مثل به الائتلاف والتعاون والتناصر، كما في حديث أبي موسى الذي خرجه البخاري في أول الباب، فليس كراهته لمشابهته لمثل الافتراق بأولى من عدم كراهته لمشابهته لمثل التعاون والتعاضد والتناصر.
ومثل هذه المعاني توجد كثيرا في كتب شروح الحديث المتأخرة، وأكثرها مدخول، ولم يكن علماء سلف الأمة يقعون في شيء من ذلك، وكذلك لم أستكثر من ذكر مثله في هذا الكتاب، وإنما ذكرت هذا لأن الإسماعيلي مع تقدمه ذكره في ((صحيحه)) ، ونبهت على ما فيه.
وجمع الخطابي في ((الأعلام)) بين حديث كعب بن عجرة في النهي وحديث أبي هريرة في فعل التشبيك، بأن النهي إنما يحمل على الاحتباء بالتشبيك للأصابع؛ لأنه يجلب النوم الناقض للوضوء، وما سواه فمباح.
فخص الكراهة بحالة الاحتباء، وهذا في غاية البعد؛ لأن حديث كعب فيه
النهي عن التشبيك للعامد إلى المسجد، والمراد به الماشي إليه، والماشي لا يحتبي،

الصفحة 424