كتاب فتح الباري لابن رجب (اسم الجزء: 3)

وقد أنكر ابن مسعود على أبي موسى خلعه نعليه عند إرادة الصلاة، قال لهُ: أبالوادي المقدس أنت؟!
وكان أبو عمرو الشيباني يضرب الناس إذا خلعوا نعالهم في الصلاة.
وأنكر الربيع بن خثيم على من خلع نعليه عند الصلاة، ونسبه إلى أنه أحدث - يريد: أنه ابتدع.
وكان النخعي وأبو جعفر محمد بن على إذا قاما إلى الصلاة لبسا نعالهما وصليا فيها.
وأمر غير واحد منهم بالصلاة في النعال، منهم: أبو هريرة وغيره.
وقال الشافعي - ونقلوه عنه -: أن خلع النعلين في الصلاة أفضل؛ لما فيه من مباشرة المصلي بأطراف القدمين إذا سجد عليهما.
ووافقهم على ذلك القاضي أبو يعلي وغيره من أصحابنا.
ولم يعللوا ذلك باحتمال إصابة النجاسة، مع حكايتهم الخلاف في طين الشوارع: هل هو نجس أو طاهر يعفى عن يسيره؟ فحكى أصحاب الشافعي له في ذَلكَ قولين، وكذلك حكى الخلاف في مذهب أحمد بعض أصحابنا.
والصحيح عند محققيهم: أن المذهب طهارته، وعليه تدل أحوال السلف الصالح وأقوالهم، كما تقدم عنهم في ترك غسل القدمين من الخوض في الطين، وهذا مروي عن علي بن أبي طالب وغيره من الصحابة.
قال الجوزجاني: لم ير المسلمون بطين المطر بأسا.
وقد صرح كثير من السلف بأنه طاهر ولو خالطه بول، منهم: سعيد بن جبير وبكر المزني وغيرهما.
والتحرز من النجاسات إنما يشرع على وجه لا يفضي إلى مخالفة ما

الصفحة 44