كتاب فتح الباري لابن رجب (اسم الجزء: 3)

ومن أصحابنا من خص البطلان بمن يليها دون من خلفها، ولا وجه له، ونص أحمد يدل على خلافه.
قال حرب: قلت لأحمد: الرجل يصلي وامرأة بحياله قائمة تصلي، أو بين
يديه؟ فقال: أن كانت بحياله فهو أسهل من أن تكون بين يديه. قلت: أيعيد الصلاة؟ قال: ما أدري. وقال: أن كانت المرآة في غير الصلاة فإنه لا بأس؛ قد كانت عائشة بين يدي النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وقال إسحاق: تفسد صلاة المرآة دون الرجل؛ لأنها هي المنهية عن مصافة الرجل وعن أن تتقدم بين يديه، فتختص صلاتها بالبطلان، لعصيانها بالمخالفة دونه.
وهذا ينبغي تقييده بما إذا كان هو يصلي قبل صلاتها، ثم دخلت في الصلاة
بعده.
وقد قال محمد بن نصر: ثنا حسان بن إبراهيم، في رجل صلى وركز بين يديه نشابة - أو لم يركز -، ثم جاءت امرأة فصلت أمامه والنشابة بينهما: هل تفسد
صلاته؟ : فقالَ: قَالَ سفيان: أن لم يركز فسدت صلاته. قلت: أرأيت أن ركز بعدما رآها تصلي أمامه: هل تفسد صلاته؟ قالَ: لا.
وقال الأوزاعي في امرأة تصلي بصلاة زوجها: تقوم خلفه؛ فإن ضاق مكانهما قامت عن يمينه، وجعلا بينهما سترة، فإن كانا في بيت فصلت امرأة في ناحية وصلى زوجها في ناحية بينهما عرض البيت وطوله فلا يفسد ذلك عليه صلاته.
وقال سفيان: أن كانت المرآة تصلي غير صلاة الرجل تفسد عليه صلاته.

الصفحة 6