كتاب فتح الباري لابن رجب (اسم الجزء: 4)

كثير ابن أبي وداعة، سمع بعض أهله يحدث، عن جده، أنه رأى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي مما يلي الباب بني سهم، والناس يمرون بين يديه، ليس بينهم سترة.
قال ابن عيينة: وكان ابن جريج أخبرنا عنه، فقال: ثنا كثير، عن أبيه، فسألته، فقال: ليس من أبي سمعته، ولكن من بعض أهلي، عن جدي، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى مما يلي باب بني سهم، ليس بينه وبين الطواف سترة.
وخرجه أبو داود عن الإمام أحمد.
وقد تبين برواية ابن عيينة هذه أنها أصح من رواية ابن جريج، ولكن يصير في إسنادها من لا يعرف.
وقد رواه غير واحد عن كثير بن كثير كما رواه عنه ابن جريج.
وصلاة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالأبطح إلى العنزة لا يعارض حديث المطلب؛ لأن حديث المطلب دل على جواز الصلاة بمكة إلى غير سترة، وحديث أبي جحيفة دل على جواز الصلاة بمكة إلى سترة.
وقد نص أحمد على أن مكة مخصوصة من بين البلدان بذلك ومن أصحابنا من قال: إن حكم الحرم كله كذلك، ولو قيل: إن الصلاة إلى غير سترة مختص بالمسجد الحرام وحده دون بقاع مكة والحرم لكان جمعا بين الحديثين متوجها، وكلام القاضي

الصفحة 46