كتاب فتح الباري لابن رجب (اسم الجزء: 5)

فبطلت صلاته، بناء على أصلين لهم: أحدهما: أن ما وقع منها بعد طلوع الشمس يكون قضاءً. والثاني: أن الفوائت لا تقضى في أوقات النهي.
وأماالجمهور فخالفوا في الأصلين.
وقد تقدم ذكر الاختلاف فيما يقع من الصلاة خارج الوقت إذا وقع أولها في الوقت: هل هو قضاء، أو لا؟ وأن ظاهر مذهب الشافعي وأحمد لا يكون قضاء؛ لقول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (فقد أدركها) .
وأماقضاء الفوائت في أوقات النهي، فخالف فيه جمهور العلماء، وأجازوه عملاً بعموم قوله: (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها) .
وقالوا: إنما النهي عن النفل، لا عن الفرض، ولهذا يجوز أن يصلي بعد اصفرار الشمس ودخول وقت النهي صلاة العصر الحاضرة، وقد وافق عليه أبو حنيفة وأصحابه، وإنما خالف فيه بعض الصحابة.
وعلى تقدير تسليم منع القضاء في أوقات النهي، فإنما ذاك في القضاء المبتدأ به في وقت النهي، فأم المستدام فلا يدخل في النهي؛ فإن القواعد تشهد بأنه يغتفر في الاستدامة ما لا يغتفر في الابتداء.
وعلى هذا؛ فنقول في النفل كذلك، وأن من كان في نافلة فدخل عليه وقت نهي عن الصلاة لم تبطل صلاته ويتمها، وهو ظاهر كلام الخرقي من أصحابنا، وصرح به ابن عقيل منهم.

الصفحة 10