كتاب فتح الباري لابن رجب (اسم الجزء: 6)

تفتتح بكلمة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} دون التكبير، ولم يقل أحد: إن هَذَا هُوَ المراد من هَذَا الحَدِيْث.
وَقَالَ آخرون: المراد من حَدِيْث أَنَس: أن القراءة فِي الصلاة الجهرية تفتتح بكلمة {الْحَمْدُ لِلَّهِ} دون البسملة.
واستدلوا لذلك بما خرجه مُسْلِم فِي ((صحيحه)) من طريق غندر، عَن شعبة، قَالَ: سَمِعْت قتادة يحدث، عَن أَنَس، قَالَ: صليت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبي بَكْر وعمر وعثمان فَلَمْ أسمع أحداً منهم يقرأ ((بسم الله الرحمن الرحيم)) .
وخرجه - أَيْضاً - من طريق أَبِي داود، عَن شعبة، وزاد: قَالَ شعبة: فَقُلْت لقتادة: أسمعته من أنس؟ قَالَ: نَعَمْ، نحن سألناه عَنْهُ.
ففي هذه الرواية: تصريح قتادة بسماعه لَهُ من أَنَس، فبطل بذلك [تخيل] من أعل الحَدِيْث بتدليس قتادة.
وخرجه مُسْلِم - أَيْضاً - من طريق الأوزاعي، عَن عبدة، أن عُمَر بْن الخَطَّاب كَانَ يجهر بهؤلاء الكلمات، يَقُول: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك.
وعن قتادة، أَنَّهُ كتب إليه يخبره عَن أَنَس بْن مَالِك، أَنَّهُ حدثه، قَالَ: صليت خلف النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبي بَكْر وعمر وعثمان، فكانوا يستفتحون بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} لا يذكرون ((بسم الله الرحمن الرحيم)) ، لا فِي أول قراءة ولا آخرها.

الصفحة 389