كتاب فتح الباري لابن رجب (اسم الجزء: 6)
وقد ذكرنا أَنَّهُ مختلف فِيهِ، وعلى تقدير أن يكون محفوظاً، فالمراد: هَلْ كَانَ يقرأ البسملة فِي نفسه، أم لا؟ فَلَمْ يكن عنده مِنْهُ علم؛ لأنه لَمْ يسمع قراءتها، فلا يدري: هَلْ كَانَ يسرها، أم لا؟
وأيضاً؛ فَقَدْ شك الرَّاوي: هَلْ قَالَ: ((لا أحفظه)) ، أو ((مَا سألني عَنْهُ أحد قبلك)) ، فالظاهر: أَنَّهُ إنما قَالَ: ((مَا سألني عَنْهُ أحد قبلك)) ، كما رواه شعبة وغيره عَن قتادة، كما تقدم.
وعلى تقدير: أن يكون قَالَ: ((مَا أحفظه)) ، فيجوز أن يكون نسي مَا أخبر بِهِ قتادة وغيره من قَبْلَ ذَلِكَ، ويكون قَالَ ذَلِكَ عِنْدَ كبره وبعد عهده بما سئل عَنْهُ.
قَالَ ابن عَبْد البر: من حفظ عَنْهُ حجة عَلَى من سأله فِي حال نسيانه. والله
أعلم.
فإن قيل: فَقَدْ رَوَى الأوزاعي، عَن إِسْحَاق بْن عَبْد الله بْن أَبِي طلحة، عَن أَنَس، أن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبا بَكْر وعمر وعثمان كانوا يستفتحون بأم القرآن، فيما يجهر فِيهِ.
خرجه ابن جوصة والدارقطني.
وهذا صريح فِي أن المراد ابتداء القراءة بفاتحة الكتاب.
قيل: ليس المراد الإخبار بأنهم كانوا يقرءون أم القرآن قَبْلَ سور سواها؛ فإن هذه لا فائدة فِيهِ إنما المراد: أنهم كانوا لا يقرءون قَبْلَ أم القرآن شيئاً يجهرون بِهِ فِي الصلاة، فتدخل فِي ذَلِكَ البسملة؛ فإنها ليست من أم القرآن.
ويدل على هَذَا شيئان:
الصفحة 396
464