كتاب فتح الباري لابن رجب (اسم الجزء: 6)

لحديث أم سَلَمَة، وقولها: كَانَ النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقطع قراءته آية آية، كذلك قاله النسائي وأبو داود السجستاني، حكاه عنهما أبو بَكْر بْن أَبِي داود فِي كتابه ((المصاحف)) .
وكذا قَالَ الإمام أحمد فِي رِوَايَة ابن الْقَاسِم، وقالوا: ابن جُرَيْج هُوَ الَّذِي قرأ
{ملِكِ} ، وليس ذَلِكَ فِي حَدِيْث أم سَلَمَة.
يدل على صحة هَذَا: مَا خرجه الإمام أحمد من طريق نَافِع، عَن ابن أَبِي مليكة، عَن بعض أزواج النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ نَافِع: أراها حَفْصَةَ -، أنها سئلت عَن قراءة النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فَقَالَتْ: إنكم لا تستطيعونها، فَقِيلَ: أخبرينا بِهَا، فقرأت قراءة ترسلت فيها. قَالَ نَافِع: فحكى لنا ابن أَبِي مليكة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ، ثُمَّ قطع {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، ثُمَّ قطع {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} .
ففي هذه الرواية: تصريح ابن جُرَيْج بأن هذه القراءة إنما هِيَ حكاية مَا قرأ لهم ابن أَبِي مليكة.
وفي لفظ الحَدِيْث اختلاف فِي ذكر البسملة وإسقاطها.
وفي إسناده - أَيْضاً - اخْتِلاَف؛ فَقَدْ أدخل الليث بْن سعد فِي روايته عَن ابن أَبِي مليكة بينه وبين أم سليمة: يعلى بْن مملك، وصحح روايته الترمذي وغيره.
وَقَالَ النسائي فِي يعلى هَذَا: ليس بمشهور.
وَقَالَ بعضهم: عَن يعلى، عَن عَائِشَة.
وقد ذكر الاختلاف فِيهِ الدارقطني فِي ((علله)) ، وذكر أن عُمَر بْن

الصفحة 399