كتاب فتح الباري لابن رجب (اسم الجزء: 6)
الضعيفة والشاذة والمنكرة والغريبة، وعامتها موقوفات رفعها من ليس بحافظ، أو من هُوَ ضَعِيف لا يحتج بِهِ، أو مرسلات وصلها من لا يحتج بِهِ، مثلما وصل بعضهم مرسل الزُّهْرِيّ فِي هَذَا، فجعله عَنْهُ، عَن ابن المُسَيِّب، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، ووصله باطل قطعاً.
والعجب ممن يعلل الأحاديث الصحيحة المخرجة فِي ((الصحيح)) بعلل لا تساوي شيئاً، إنما هِيَ تعنت محض، ثُمَّ يحتج بمثل هذه الغرائب الشاذة المنكرة، ويزعم أنها صحيحة لا علة لها.
وقد اعتنى بهذه المسألة وأفرادها بالتصنيف كثير من المُحَدِّثِين، منهم: مُحَمَّد بْن نصر وابن خزيمة وابن حبان والدارقطني وأبو بَكْر الخَطِيْب والبيهقي وابن عَبْد البر وغيرهم من المتأخرين.
ولولا خشية الإطالة لذكرنا كل حَدِيْث احتجوا بِهِ، وبيان أَنَّهُ لا حجة فِيهِ عَلَى الجهر؛ فإنها دائرة بَيْن أمرين: إما حَدِيْث صحيح غير صريح، أو حَدِيْث صريح غير صحيح.
ومن أقوى مَا احتجوا بِهِ: حَدِيْث خَالِد بْن يزيد، عَن سَعِيد بْن أَبِي هلال، عَن نعيم المجمر، أَنَّهُ صلى وراء أَبِي هُرَيْرَةَ، فقرأ: ((بسم الله الرحمن الرحيم)) ، ثُمَّ قرأ بأم القرآن، ثُمَّ قَالَ لما سلم: إني لأشبهكم صلاة برسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
الصفحة 407
464