كتاب فتح الباري لابن رجب (اسم الجزء: 6)
ومن العجائب تأويل بعضهم لحديث ابن مغفل عَلَى مثل تأويله لحديث أَنَس، وأن المراد افتتاحهم بالفاتحة.
وهذا إسقاط لفائدة أول الحَدِيْث وآخره، والسبب الَّذِي لأجله رواه ابن مغفل، وإنما الصواب عكس هَذَا، وَهُوَ حمل حَدِيْث أَنَس عَلَى مثل مَا رواه ابن مغفل.
وروى عُبَيْدِ الله بْن عَمْرِو الرقي، عَن زيد بْن أَبِي أنيسة، عَن عَمْرِو بْن مرة، عَن نَافِع بْن جبير بْن مطعم، عَن أَبِيه، أن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يجهر فِي صلاته بـ ((بسم الله الرحمن الرحيم)) .
ذكره الدارقطني، فِي ((علله)) .
وهذا الإسناد، رجاله كلهم ثقات مشهورون، ولكن لَهُ علة، وهي: أن هَذَا الحَدِيْث قطعة من حَدِيْث جبير بْن مطعم فِي صفة تكبير النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتعوذه فِي الصلاة، وقد رواه الثقات عَن عَمْرِو بْن مرة، عَن عاصم العنزي، عَنْ نَافِع بْن جبير، عَن أَبِيه بدون هذه الزيادة؛ فإنه تفرد بِهَا الرقي عَن زيد.
وروى الحافظ أبو أحمد العسال: ثنا عَبْد الله بن العباس الطيالسي: ثنا
عَبْد الرحيم بْن زياد السكري: ثنا عَبْد الله بْن إدريس، عَن عُبَيْدِ الله بْن عُمَر، عَن نَافِع، عَن ابن عُمَر، قَالَ: صليت خلف رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبي بَكْر وعمر وعثمان، فَلَمْ يقنتوا ولم يجهروا.
وهذا الإسناد - أَيْضاً - كلهم ثقات مشهورون.
الصفحة 417
464