كتاب فتح الباري لابن رجب (اسم الجزء: 6)

سراً، وبذلك تجتمع ألفاظ الحَدِيْث وعامة الأدلة فِي هذه المسألة. والله أعلم.
وأكثر من يرى قراءتها فِي الصلاة يرى قراءتها فِي الفاتحة والسورة الَّتِيْ بعدها.
وقالت طائفة قليلة منهم: إنما يقرأ بِهَا فِي ابتداء الفاتحة دون السورة الَّتِيْ بعدها، روي عَن طاوس، وَهُوَ قَوْلِ سُفْيَان الثوري وسليمان بْن داود الهاشمي، وَهُوَ رِوَايَة عَن أَبِي حنيفة.
وروى يوسف بْن أسباط، عَن الثوري، قَالَ: من قرأ ((بسم الله الرحمن الرحيم)) فِي أول القرآن أجزأه لكل القرآن.
وأعلم: أن الجهر بقراءة البسملة مَعَ الفاتحة ليس مبنياً عَلَى القول بأن البسملة آية من سورة الفاتحة وغيرها، كما ظنه طائفة من النَّاس من أصحابنا وغيرهم، وإنما الصحيح عِنْدَ المحققين من أصحابنا وأصحاب الشَّافِعِيّ وغيرهم أَنَّهُ غير مبني عَلَى ذَلِكَ.
ولهذا اختلفت الرواية عَن أحمد: هَلْ البسملة آية من الفاتحة، أو لا؟ وأكثر الروايات عَنْهُ عَلَى أنها ليست من الفاتحة، وَهُوَ قَوْلِ أكثر أصحابه.
ولم تختلف عَنْهُ فِي أَنَّهُ لا يجهر بِهَا، وكذا قَالَ الجوزجاني وغيره من فقهاء الحَدِيْث.
واختلف قَوْلِ الشَّافِعِيّ: هَلْ البسملة آية من كل سورة سوى الفاتحة، وَهُوَ يرى الجهر بِهَا فِي السور - أَيْضاً.

الصفحة 427