كتاب فتح الباري لابن رجب (اسم الجزء: 6)
وفي ((الفائق)) : خشاش الأرض: هوامها. الواحدة: خشاشة، سميت بذلك لاندساسها فِي التراب من خش فِي الشيء إذا دَخَلَ فِيهِ، يخش وخشه غيره فخشه، ومنه الخشاش؛ لأنه يخش فِي أنف البعير، انتهى.
وفي هَذَا الحَدِيْث فوائد كثيرة:
مِنْهَا: مَا يتعلق بصفة صلاة الكسوف، ويأتي الكلام عَلِيهِ فِي موضعه - إن شاء الله - سبحانه وتعالى -.
ومنها: أَنَّهُ يدل عَلَى وجود الجنة والنار، كما هُوَ مذهب أهل السنة والجماعة.
ومنها: مَا يدل عَلَى تحريم قتل الحيوان غير المؤذي، لغير مأكله.
ومنها: مَا هُوَ مقصوده بإيراد الحَدِيْث فِي هذا الباب: أن المصلي لَهُ النظر فِي صلاته إلى مَا بَيْن يديه، وما كَانَ قريباً، ولا يقدح ذَلِكَ فِي صلاته.
ولكن المنظور إليه نوعان:
أحدهما: مَا هُوَ من الدنيا الملهية، فهذا يكره النظر إليه فِي الصلاة؛ فإنه يلهي.
وقد دل عَلِيهِ حَدِيْث الإنبجانية، وقد سبق.
والثاني: مَا ينظر إليه مِمَّا يكشف من أمور الغيب، فالنظر إليه غير قادح فِي الصلاة؛ لأنه كالفكر فِيهِ بالقلب، ولو فكر فِي الجنة والنار بقلبه فِي صلاته كَانَ حسناً.
وقد كَانَ ذَلِكَ حال كثير من السلف، ومنهم من كَانَ يكشف لقلبه عَن بعض ذَلِكَ حَتَّى ينظر إليه بقلبه
الصفحة 434
464