كتاب فتح الباري لابن رجب (اسم الجزء: 6)

لما يترتب عَلَى ذَلِكَ من معرفة أفعاله فِي صلاته فيقتدي بِهِ، فأما غيره من الأئمة فلا يحتاج إلى النظر إلى لحيته، فالأولى بالمصلى وراءه أن ينظر إلى محل سجوده، كما سبق.
الحَدِيْث الثاني:
747 - حَدَّثَنَا حجاج: ثنا شعبة، أنبأنا أبو إِسْحَاق، قَالَ: سَمِعْت عَبْد الله بْن يزيد يخطب: حَدَّثَنَا البراء - وكان غير كذوب -، أنهم كانوا إذا صلوا مَعَ النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فرفع رأسه من الركوع، قاموا قياماً حَتَّى يروه قَدْ سجد.
قَدْ سبق هَذَا الحَدِيْث فِي ((بَاب: متى يسجد من وراء الإمام)) من حَدِيْث سُفْيَان، عَن أَبِي إِسْحَاق، وهاهنا خرجه من رِوَايَة شعبة: أنبأنا أبو إِسْحَاق.
ومراد شعبة بقوله: ((أنبأنا)) كقوله: ((أخبرنا)) أو ((حَدَّثَنَا)) ، وليس مراده - كما يقوله المتأخرون -: الإجازة.
وفي الحَدِيْث: دليل عَلَى أن المأموم يراقب حال إمامه فِي ركوعه وسجوده؛ ليسجد بعد سجوده، وتقع أفعاله بعد أفعال إمامه، وهذا حكم عام فِي جميع النَّاس، فإن اقتداء المأموم بأفعال إمامه الَّتِيْ يشاهدها أولى من الاكتفاء بمجرد سماع تكبيره؛ فإنه قَدْ ينهي تكبيره قَبْلَ أن ينهي فعله، فلذلك كانوا يراعون تمام سجود النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - واستقراره عَلَى الأرض، حَتَّى يسجدوا بعده.
قَالَ أصحابنا وغيرهم: ولهذا المعنى كره أن يكون موقف الإمام أعلى

الصفحة 439