كتاب فتح الباري لابن رجب (اسم الجزء: 9)

جميع أعشار الشهور كلها، ومن ذلك عشر رمضان.
لكن فرائض عشر ذي الحجة أفضل من فرائض سائر الأعشار، ونوافله أفضل من نوافلها، فأما نوافل العشر فليست أفضل من فرائض غيره، كما سبق تقريره في الحج والجهاد.
وحينئذ؛ فصيام عشر رمضان أفضل من صيام عشر ذي الحجة؛ لأن الفرض أفضل من النفل.
وأما نوافل عشر ذي الحجة فأفضل من نوافل عشر رمضان، وكذلك فرائض عشر ذي الحجة تضاعف أكثر من مضاعفة فرائض غيره.
وقد كان عمر يستحب قضاء رمضان في عشر ذي الحجة؛ لفضل أيامه، وخالفه في ذَلِكَ علي، وعلل قوله باستحباب تفريغ أيامه للتطوع وبذلك علله أحمد وإسحاق، وعن أحمد في ذَلِكَ روايتان.
وأما تفضيل العمل في عشر ذي الحجة على العمل في أكثر من عشرة أيام من
غيره، ففيه نظر.
وقد روي ما يدل عليهِ:
فخرج الترمذي وابن ماجه من رواية النهاس بن قهم، عن قتادة، عن ابن
المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي قالَ: ((ما من أيام احب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة، يعدل صيام كل يوم منها بسنة، وكل ليلة منها بليلة القدر)) .

الصفحة 16