كتاب فتح الباري لابن رجب (اسم الجزء: 9)

جائزة.
وقال حرب: قلت لأحمد: يفتح الباب –يعني: في الصلاة – حيال القبلة؟ قالَ: في التطوع.
ولعله أراد أنه لايكره في التطوع خاصة، ويكره في الفريضة.
وأكثر أصحابنا على أن ذلك يرجع فيه إلى العرف، فما عد في العرف مشياً كثيراً أبطل، وما لم يعد كثيراً لم يبطل، وكذلك سائر الأعمال في الصلاة.
ومنهم من جعل الثلاث في حد الكثرة، فلم يعف إلاّ عن المرة والمرتين.
وللشافعية في الضربتين والخطوتين وجهان.
ومن الحنفية من قدر المشي المبطل بما جاوز محل السجود.
وما دلت السنة عليه، مع اتباع السلف فيه أولى.
قال أصحابنا: وإنما يبطل العمل الكثير إذا توالى، وما شك فيه لم يبطل؛ لأن الأصل دوام الصحة، فلا يزول بالشك في وجود المنافي.
وما تفرق من ذلك، وكان إذا جمع كثيراً لم يبطل؛ لأنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تكرر منه حمل أمامة في صلاته ووضعها، وقد سبق حديث أمامة والكلام عليهِ بما فيهِ كفاية.
ومذهب الشافعية كمذهب أصحابنا في ذلك كله، في الرجوع إلى العرف على الصحيح عندهم، مع قولهم: إن الثلاث في حد الكثرة بغير خلاف، وفي الثنتين
وجهان.

الصفحة 315