كتاب فتح الباري لابن رجب (اسم الجزء: 9)

وقد روي عن الزهري، أنه حمل ترك السجود للسهو في هذه القصة على
أحد وجهين:
أحدهما: أنه
قال: كان هذا قبل أن يشرع سجود السهو.
فروى عنه معمر، أنه قال: كان هذا قبل بدر، ثم استحكمت الأمور.
والثاني: أنه كان يرى أنه لم يسجد يومئذ للسهو؛ لأن الناس يقنوا النبي
[- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -] حتى استيقن.
وكلا الوجهين
ضعيف.
أما الأول؛ فلأن أبا هريرة شهد هذه القصة، وكان إسلامه بعد بدر بكثير،
وسيأتي بسط ذلك فيما بعد -
إن شاء الله تعالى.
وأما الثاني؛ فمضمونه أنه إنما يسجد للسهو إذا استدام الشك، فأما إذا
تيقن الأمر، وعمل عليه
، فإنه لا يسجد، وإن كان قد زاد في الصلاة، وهذا
مذهب غريب.
نعم؛ لو شك في شيء من صلاته، ثم زال
شكه قبل السلام، وتبين أنه
لم يزد في صلاته ولم ينقص، فهنا يستحب السجود ولا يجب -: نقله ابن
منصور،
عن أحمد وإسحاق.
وقال أصحابنا: الصحيح من مذهبنا ومذهب الشافعي: أنه لا

الصفحة 406