كتاب فتح الباري لابن رجب (اسم الجزء: 9)

ومذهب مالك وأحمد: لا يرجع إلى قول واحد من المامومين، بل إلى ما زاد على الواحد؛ لحديث أبي هريرة؛ فإن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يكتف بقول ذي اليدين حتى سال غيره، فلما اخبروه عمل بقولهم، ولأن انفراد الواحد من بين المامومين بالتنبيه على السهو، مع اشتراكهم جميعا في الصلاة يوجب ريبة، فلذلك احتاج إلى قول آخر يعضده.
وقد تقدم القول في هذا بابسط من هذا الكلام في ((باب: هل ياخذ الإمام إذا شك بقول الناس؟)) .
ومنها: أن النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانَ قد وقع منه في هذه الصَّلاة سلام من نقص وقيام ومشي وكلام، وكل واحد من هذه سبب يقتضي السجود بانفراده، ولم يسجد إلا سجدتين.
وكذلك حديث ابن بحينة، فإن فيه أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ترك التشهد الأول والجلوس له، ويقتضي ذلك ترك التكبيرة للقيام منه، وقد سجد سجدتين.
فدل على أن السهو إذا تعدد، لم يوجب أكثر من سجدتين.
وهذا قول جمهور العلماء، إذا كان من جنس واحد، وإنما خالف فيه الأوزاعي.

الصفحة 439