كتاب فتح الباري لابن رجب (اسم الجزء: 9)

والتحري قول أحمد – في رواية عنه.
وعلى هذه الرواية، فهل ذلك عام في المنفرد والإمام، أم خاص بالإمام؟ على روايتين فيهِ.
وظاهر مذهبه: أنه يختص بالإمام؛ لأنه يعتمد على غلبة ظنه بإقرار المأمومين ومتابعتهم لهُ من غير نكير، فيقوى الظن بذلك.
واستدل هؤلاء بأحاديث تحري الصواب.
وأما حديث إطراح الشك، والبناء على ما استيقن، فحملوه على الشك
المساوي، أو الأضعف.
فأما غلبة الظن، فقالوا: لا يسمى شكا عند الإطلاق، كما يدعيه أهل الأصول ومن تبعهم، وإن كان الفقهاء يطلقون عليه اسم الشك في مواضع كثيرة.
وقالت طائفة: بل يبني على اليقين، وهو الأقل.
وروي عن عمر وعلي وابن عمر، وعن الحسن والزهري، وهو قول مالك والليث والثوري – في رواية – والشافعي وأحمد – في رواية عنه – وإسحاق.
وعن الثوري، قال: كانوا يقولون: إن كان أول ما شك، فإنه يبني على
اليقين، وإن ابتلي بالشك – يعني: أنه يتحرى -، وإن زاد به الشك ورأى انه من الشيطان، لم يلتفت إليه.
وهؤلاء استدلوا بحديث أبي سعيد الخدري المتقدم في البناء على ما استيقن.
وأما أحاديث التحري، فمنهم من تكلم فيها، حتى اعل حديث ابن

الصفحة 471