كتاب فضائل بيت المقدس - ابن الجوزي - ت عمرو عبد العظيم الحويني

وسألَهُ رجُلٌ: «أيُّما أفضلُ: أُسَبِّحُ أو أستَغفِرُ؟»، فقال: «الثَّوبُ الوَسِخُ أَحوَجُ إلى الصَّابُون من البخُور».
وقال: «من قَنَعَ طاب عَيشُهُ , ومن طَمَعَ طال طَيشُهُ».
وقد نالَتهُ مِحنَةٌ في أواخِرِ عُمرِهِ , ووَشَوْا بِهِ إلى الخَلِيفَةِ بأمرٍ اختُلِف في حقيقَتِهِ , فجاء مَن شَتَمَهُ وأَهَانَهُ , وأَخذَهُ قَبضًا باليدِ , وخَتَمَ على دارِهِ , وشَتَّتَ عِيالَهُ , ثُمَّ أُقعِد في سفينةٍ إلى مدينةِ وَاسِط , فحُبِس بها في بيتٍ حَرِجٍ , وبَقِي هو يَغسِلُ ثَوبَهُ ويَطبُخُ الشَّيءَ , فبَقِي على ذلك خمسَ سِنين ما دَخَلَ فيها حمَّامًا.
وكان السَّببُ في خَلاصِهِ أنَّ وَلَدَهُ يُوسُفَ نشأ واشتَغَلَ وعَمِلَ في هذه المُدَّةِ الوَعظَ وهو صبِيٌّ , وتَوَصَّلَ حتى شَفَعَت أُمُّ الخليفةِ , وأَطلَقَت الشَّيخَ.
قال المُوفَّقُ عبدُ اللَّطيف: «كان كثيرَ الغَلَطِ فيما يُصَنِّفُه؛ فإنَّهُ كان يَفرَغُ من الكتاب ولا يَعتَبِرُهُ».
قال الذَّهَبِيُّ: «قُلتُ: هكذا هو، له أوهامٌ وألوانٌ في تركِ المُراجَعة , وأَخْذِ العِلمِ من صُحُفٍ. وصَنَّف شيئًا، لو عَاشَ عُمرًا ثانيًا لما لَحِقَ أن يُحرِّرَه ويُتقِنَه».
مَرِضَ خمسةَ أيَّامٍ، وتُوُفِّي ليلة الجُمُعةِ بين العِشَاءَين، الثَّالثَ عَشرَ من رمضانَ سنة ٥٩٧ هـ.

الصفحة 15