كتاب فضائل بيت المقدس - ابن الجوزي - ت عمرو عبد العظيم الحويني

نِكاحَ امرأةٍ لا تحلُّ له، وهَوِيَها، فنهاهُ يحيَى [عن ذلك] (¬١).
وقال السُّدِّيُّ عن أشياخِهِ (¬٢): كانت بنتَ امرأتِهِ، فحَقَدَت أمُّهَا على يحيَى، فقالت لابنتها: «تزَيَّني له، فإن أرادَكِ فقُولي له: لا، إلَّا برأس يحيَى»، ففَعَلَت، فأَمَرَ به، فجِيءَ برأسِهِ، والرَّأسُ يتكلَّم، ويقُولُ: «إنَّها لا تحلُّ لك»، وما زال دمُ يحيَى يغلِي، حتَّى قُتِل عليه من بني إسرائيلَ سبعُون ألفًا، فسكن (¬٣).
وقال ابنُ إسحاقَ (¬٤): لمَّا رَجَعَ بنُو إسرائيلَ مِن بابلَ إلى بيتِ المَقدِسِ، ما زالوا يُحْدِثُون الأحداثَ ويُكَذِّبُون الأنبياءَ، إلى أن بَعَثَ اللهُ زكريَّا ويحيَى وعيسَى - عليهم السلام -.
فبَعَثَ اللهُ - عز وجل - عليهم بعد عيسَى مَلِكًا من مُلوكِ بابلَ، يُقال له [خُردُوس] (¬٥)،
فدَخَلَ بيتَ المَقدِس، فوَجَدَ دمًا يغلِي، قالوا: «دمُ
---------------
(¬١) زيادةٌ من «م».
(¬٢) أخرجه الإمامُ الطَّبَرِيُّ في «تفسيره» (١٤/ ٤٧٩ - ٤٨٥) مطوَّلًا.
(¬٣) روى ابنُ جريرٍ الطَّبَرِيُّ في «تفسيره» (١٤/ ٤٧٥)، بإسنادِهِ عن سعيد بن المُسيَّب، قال: ظهر بخت نصرُّ على الشَّام، فخرَّب بيتَ المَقدِس وقتَلَهُم، ثمَّ أتى دمشقَ، فوَجَدَ بها دمًا يَغلِي على كِبًا، فسَأَلَهُم: «ما هذا الدَّمُ؟»، قالوا: «أَدرَكْنَا آباءَنا على هذا، وكُلَّما ظهر عليه الكِبا ظهر»، قال: فقَتَل على ذلك الدَّمِ سبعين ألفًا من المُسلِمين وغيرِهِم، فسَكَنَ.
قال ابنُ كَثيرٍ في «تفسيرِهِ» (٨/ ٤٣٩) مُعقِّبًا عليه: «وهذا صحيحٌ إلى سعيد بن المُسيَّب. وهذا هو المشهُورُ».
(¬٤) أخرجه ابنُ جَريرٍ الطَّبَرِيُّ في «تفسيره» (١٤/ ٤٩٩ - ٥٠٢) مطوَّلًا.
(¬٥) في «الأصل»: حردوس، بالحاء المُهمَلة. وكذا وَرَدَ في «مُرُوج الذَّهَب» للمَسعُودِيِّ (ص:٦٣)، و «تفسير البَيضَاوِيِّ» (٣/ ٤٣٣)، و «البَحر المديد» لابن عجيبة (٤/ ١٠٨).

ووردت في «م»: خردوش، بالخاء والشِّين المُعجَمتين. وكذا ورد في كلٍّ من: «تفسير البَغَوِيِّ»، و «الخازن»، و «الآلُوسِيِّ»، و «نظم الدُّرَر» للبِقَاعِيِّ.
ووردت في «ن»: خردوس، بالخاء المُعجَمة والسِّين المُهمَلة. وهو الأَشهَرُ في الاستعمال. وكذا ذَكَرَها الطَّبَرِيُّ في «تفسيره»، و «تاريخه».

الصفحة 80