يَكُنْ في الرُّواةِ عَنْ مالكٍ أجلُّ مِنَ الشَّافِعيِّ (¬1).
فمفعولُ (اخْتَرْ) محذوفٌ، أَوْ مَا بَعْدَهُ بمعنى: اخْتَر مَحَلَّ إسْنَادِ الشَّافِعيِّ المذكورِ، وَهُوَ سَنَدُهُ، أَوْ مَفْعُولُهُ الشَّافِعيّ [أَوْ ضميرٌ يعودُ إِليهِ] (¬2) بطريقِ التنازُعِ.
(قلتُ: و) اخْتَرْ أَيْضاً -إذَا قلتَ بذلكَ، وزدتَ راوياً- عَنْ الشَّافِعيِّ حيثُ (عَنْهُ) يُسنِدُ الإمامُ (أَحْمَدُ) بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَنْبلٍ إنَّ أصحَّ الأسانيدِ: الإمامُ أَحْمَدُ، عَنْ الشَّافِعيِّ، عمَّنْ ذَكَرَ؛ لاتِّفاقِ أهلِ الحديثِ عَلَى أنَّ أجلَّ مَنْ أخذَ عَنْ الشَّافِعيِّ من أهلِ الحديثِ: أَحْمَدُ (¬3).
ولم يَقَعْ مِن ذَلِكَ في " مُسْنَدِه " (¬4) إلاَّ حديثٌ واحدٌ: قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا الشَّافِعيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نافعٍ، عَنِ ابنِ عُمَرَ - رضِيَ اللهُ عَنْهُما - أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: ((لاَ يَبِيْعُ (¬5) بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَنَهَى عَنِ النَّجْشِ، وَنَهى عَنْ حَبَلِ الحَبَلَةِ (¬6)، وَنَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ، وَالْمُزابَنَةُ: بَيْعُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ كَيْلاً، وَبَيْعُ الْكَرْمِ بِالزَّبِيْبِ كَيْلاً)). وأخرجه البخاريُّ (¬7) مفرَّقاً من حديثِ مالكٍ.
¬__________
(¬1) حكاه عن ابن طاهر، ابن الصلاح في معرفة أنواع علم الحديث: 90، وانظر: النكت 1/ 263 وما بعدها.
(¬2) ما بين المعكوفتين سقط من (ع) و (ق).
(¬3) انظر: شرح التبصرة 1/ 116.
(¬4) في (ع): ((في مسند أحمد))، وما أثبتناه من بقية النسخ و (م)، والحديث في مسند أحمد 2/ 108 كما ساقه المصنف.
(¬5) في (ع): ((لا يبع))، وما أثبتناه من بقية النسخ و (م)، وهو الذي عليه أكثر روايات البخاريّ، وكذا هو في مسند أحمد 2/ 108، وهو نفي خرج إلى معنى النهي. انظر: فتح الباري 4/ 353، وعمدة القاري 11/ 258.
(¬6) بعد هذا في (ع): ((وهو نتاج النتاج))، وهو من إدراج بعض النساخ.
(¬7) صحيح البخاري 3/ 90 (2139) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، عن مالك ولفظه: ((لا يبيع بعضكم على بيع أخيه)). وأخرجه في 3/ 91 (2142) من طريق عبد الله بن مسلمة القعنبي، عن مالك، ولفظه: ((نهى عن النجش)) وأخرجه في 3/ 95 (2165) من طريق عبد الله بن يوسف التنيّسي، عن مالك ولفظه: ((لا يبيع بعضكم على بيع بعض، ولا تلقوا السلع حتى يهبط بها إلى الأسواق)). وأخرجه في 3/ 96 (2171) من طريق إسماعيل، ولفظه: ((نهى عن المزابنة؛ والمزابنة: بيع الثمر بالتمر كيلاً، وبيع الزبيب بالكرم كيلاً)).
والحديث قد رواه مجموعاً أحمد بن حنبل كما ذكر المصنف ومن قبله العراقي في شرح التبصرة والتذكرة 1/ 117، وقد روي مجزءاً من حديث مالك. =