كتاب فتح الباقي بشرح ألفية العراقي (اسم الجزء: 1)

مَرَاتِبُ الصَّحِيْحِ
37 - وَأَرْفَعُ الصَّحِيْحِ مَرْويُّهُمَا ... ثُمَّ البُخَارِيُّ، فَمُسْلِمٌ، فَمَا
38 - شَرْطَهُمَا حَوَى، فَشَرْطُ الجُعْفِي ... فَمُسْلِمٌ، فَشَرْطُ غَيْرٍ يَكْفِي
39 - وَعِنْدَهُ التَّصْحِيْحُ لَيْسَ يُمْكِنُ ... فِي عَصْرِنَا، وَقَالَ يَحْيَى: مُمْكِنُ

مراتبُ الصَّحِيحِ مُطلقاً، وَهِيَ تتفاوتُ بِحَسَبِ تمكُّنِهِ من شروطِ الصِّحَّةِ، وَعَدم تمكُّنِهِ منها (¬1).
(وأرفعُ الصَّحِيحِ مرويُّهما) أي: البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ؛ لاشتمالهِ عَلَى أعْلى مقتضياتِ الصِّحَّةِ، ويعبَّرُ عَنْهُ (¬2) بـ ((المتَّفقِ عَلَيْهِ)) أي: بما اتَّفَقا عَلَيْهِ، لا بِما اتَّفقَ عَلَيْهِ الأمَّةُ، لَكنَّ اتفاقَهما عَلَيْهِ لازمٌ من ذَلِكَ؛ لاتفاقِها عَلَى تلقِّي ما اتَّفَقَا عَلَيْهِ بالقَبولِ (¬3).
(ثُمَّ) مرويُّ (البُخَارِيُّ) وَحْدَهُ؛ لأنَّ شَرْطَهُ أضْيَقُ كما مَرَّ (فَـ) مرويُّ (مُسلِمٌ) وَحْدَهُ لمشاركتِهِ للبخاريِّ في اتِّفاقِ الأمَّةِ عَلَى تلقِّي كِتابِهِ بالقبول.
(فما شَرْطَهُمَا) أي: فما (حَوَى) أي: جَمَعَ شرْطَهُمَا، والمرادُ بِهِ رُواتُهما، أَوْ مثلُهم مَعَ باقي شُروطِ الصَّحِيحِ من اتصالِ السَّندِ، ونفي الشُّذوذِ والعلَّةِ (¬4).
(فَـ) مَا حَوَى (شَرْطُ الجُعْفِي) أي: البُخَارِيُّ (فـ) مَا حَوَى شرطُ (مُسْلِمٌ فَـ) مَا حَوَى (شَرْطُ غَيْرٍ) (¬5) أي: غيرُهما من سائرِ الأئمَّةِ (¬6).
¬__________
(¬1) انظر: شرح التبصرة والتذكرة 1/ 142.
(¬2) في (م): ((عنها)).
(¬3) انظر: معرفة أنواع علم الحديث: 108.
(¬4) هذا مصطلح غير جيد؛ فإنّ البخاري ومسلماً لا يخرّجان جميع ما روى الراوي، بل ينتقيان من حديثه؛ فعلى هذا لا يصحّ أن يقال: في كلّ سندٍ روي في الصحيحين: صحيح، أو على شرط الشيخين.
(¬5) عبارة: ((شرط غيرٍ)) سقطت من (ص).
(¬6) انظر في هذا التقسيم معرفة أنواع علم الحديث: 107 - 108، والتقريب: 40، والمقنع 1/ 75 - 76. وقد ذكر ابن دقيق العيد في كتابه الاقتراح 359 - 572 لكل قسم من هذه الأقسام أربعين حديثاً، وقد دارت مناقشات بين العلماء حول هذا التقسيم، انظرها في: نكت الزركشي 1/ 254، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 142 مع تعليقنا عليه، ونكت ابن حجر 1/ 363، وتوجيه النظر 1/ 290 مع تعليقات محققه.

الصفحة 123