كتاب فتح الباقي بشرح ألفية العراقي (اسم الجزء: 1)

وَمَا مَرَّ عَنِ الشَّافِعيِّ وَمَالكٍ، حَمَلَهُ الخَطيبُ عَلَى الكَراهَةِ؛ لِما صَحَّ عَنْهُمَا أنَّهُمَا أجازاهَا (¬1).
وَكَمَا أنَّ المعتمدَ جوازُ الرِّوَايَةِ بها، (كَذَا) المعتمَدُ (وُجُوْبُ الْعَمَلِ) بالمرويِّ
(بِها)؛ لأنَّه خَبرٌ مُتَّصِل الرِّوَايَةِ، كَالْمسْمُوعِ.
(وَقِيلَ) وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَمَنْ تَبِعَهُم: (لاَ) يَجِبُ العملُ بِهِ،
(كَحُكْمِ) الحَدِيْثِ (الْمُرْسَلِ) (¬2).
وَرَدَّهُ الخَطيبُ (¬3)، وَغَيرُهُ بأنَّه كَيْفَ يَكُونُ مَنْ يَعْرِفُ عَينَه، وأمانتَهُ، وعَدالتَهُ كمَنْ لا يعرفُ؟
450 - وَالثَّانِ (¬4): أَنْ يُعَيِّنَ الْمُجَازَ لَهْ ... دُوْنَ الْمُجَازِ، وَهْوَ أَيْضاً قَبِلَهْ
451 - جُمْهُوْرُهُمْ رِوَايَةً وَعَمَلاَ ... وَالْخُلْفُ أَقْوَى فِيْهِ مِمَّا قَدْ خَلاَ

(والثانِ) بحذفِ الياء - مِن أنواعِ الإجازةِ الْمجرَّدةِ عَنِ الْمُنَاوَلَةِ:
(أن يُعيِّنَ) المحدِّثُ (المجازَ لَهْ، دُوْنَ الْمُجازِ) بِهِ، كقولِهِ: ((أجزتُ لَكَ جَمِيْعَ مَسْموعَاتي، أَوْ مَرْويَاتِي)) (¬5).
(وَهْوَ) أي: هَذَا النوعُ (أَيْضاً قَبِلَهْ جُمْهُورُهُمْ) أي: العُلَمَاءِ (رِوَايَةً) بِهِ،
(وَعَمَلا) بالمرويِّ بِهِ بشَرْطِهِ الآتي في ((شَرْطِ الإِجَازَةِ)) (¬6).
¬__________
= 313 - 314 هـ‍). ونقل الزّركشيّ في نكته 3/ 507 عن ابن منده في جزء الإجازة عن الزّهريّ، وابن جريج، ومالك بن أنس، والأوزاعي، وأحمد بن حنبل، ثمّ نقل عن ابن منده قوله: ((فهؤلاء أهل الآثار الذين اعتمد عليهم في الصّحيح رأوا الإجازة صحيحة واعتدّوا بها ودوّنوها في كتبهم)).
(¬1) الكفاية: (455 ت، 317 هـ‍).
(¬2) معرفة أنواع علم الحديث: 314. وقال ابن الصلاح: ((وهذا باطل؛ لأنه ليس في الإجازة ما يقدح في اتصال المنقول بها وفي الثّقة به))، والله أعلم.
(¬3) الكفاية: (456 ت، 317 هـ‍).
(¬4) حذفت الياء من ((الثاني))؛ لضرورة الوزن كما سينبه الشارح عليه.
(¬5) معرفة أنواع علم الحديث: 314، وشرح التبصرة والتذكرة 2/ 131.
(¬6) قال ابن الصّلاح: ((والجمهور من العلماء من المحدّثين والفقهاء وغيرهم على تجويز الرّواية بها أيضاً، وعلى إيجاب العمل بما روي بها بشرطه، والله أعلم)). انظر: ومعرفة أنواع علم الحديث: 314، والبحر المحيط 4/ 399 - 400، وشرح التبصرة والتذكرة 2/ 131.

الصفحة 392