كتاب فتح الباقي بشرح ألفية العراقي (اسم الجزء: 1)
وَعِبارةُ ابنِ الصَّلاحِ: هُوَ أولى بالجوازِ (¬1).
أي: مِمّا قبلَهُ عِنْدَ مجيزِهِ، من حَيْثُ إنَّ مُقْتَضَى كُلِّ إجازةٍ تَفْويضُ الرِّوَايَةِ بِهَا، إلى مشيئةِ المجازِ لَهُ، فَكانَ هَذَا مَعَ كونِهِ بِصيغةِ التَّعليقِ تصريحاً بما يقتضيهِ الإطلاقُ، وحكايةً لِلحَالِ لاَ تعليقاً في الحقيقةِ.
وأيَّدَهُ بِتَجْويزِ البَيْعِ، بقولِهِ: بِعتُكَ هَذَا بِكَذا إنْ شِئْتَ مَعَ القَبُولِ (¬2).
وردَّهُ النَّاظِمُ بأنَّ الْمُبتاعَ معيَّنٌ، والمجازُ لَهُ هنا (¬3) مُبْهَمٌ (¬4).
قَالَ: نَعَمْ، وِزَانُهُ (¬5) هُنا أَنْ يَقُولَ: أَجَزْتُ لَكَ أَنْ تروِيَ عَنِّي إنْ شئتَ الرِّوَايَةَ عَنِّي (¬6).
قَالَ ابنُ الصَّلاحِ (¬7): (ونحوَهُ) - بالنَّصْبِ بـ: ((كَتَبا)) - أي: ونحوَ مَا مَرَّ مِنَ التَّعْليقِ لَفْظاً بمشيئةِ الرِّوَايَةِ، الحافظُ أَبُو الفَتحِ مُحَمَّدُ بنُ الْحُسَيْنِ (الأزْديْ) حالَ كونِهِ (مُجِيزاً كَتَبَا) بِخطِّهِ، فَقَالَ: أَجَزْتُ رِوَايَةَ ذَلِكَ لجميعِ مَنْ أحَبَّ أَنْ يرويَهُ عَنِّي.
هَذَا كُلُّهُ في تَعْلِيقِ الإِجَازَةِ، والرِّوَايَةِ مَعَ إبهامِ الْمُجازِ لَهُ.
(أمَّا) مَعَ تعيينِه نَحْوَ (أَجَزْتُ لِفُلانٍ إنْ يُرِدْ). أَوْ يحبَّ، أَوْ يشاءَ، الإِجَازَةَ أَوْ الرِّوَايَةَ عَنِّي. (فَالأظْهَرُ الأَقْوى الْجَوازُ)، لانتِفاءِ الْجَهالةِ (¬8)، وحقيقةِ التعليقِ، (فاعتمِدْ) هُ.
¬__________
(¬1) معرفة أنواع علم الحديث: 317، وانظر: التقييد: 185.
(¬2) معرفة أنواع علم الحَدِيْث: 318، وانظر: نكت الزّركشيّ 3/ 522، والتقييد والإيضاح: 185، وشرح التبصرة والتذكرة 2/ 141، وقارن بـ: فتح العزيز 8/ 105، والمجموع 9/ 170، ومغني المحتاج 2/ 234.
(¬3) في (م): ((هاهنا)).
(¬4) شرح التبصرة والتذكرة 2/ 141.
(¬5) وزانًه: أي نظيره. انظر: لسان العرب 13/ 448 (وزن).
(¬6) انظر: شرح التبصرة والتذكرة 2/ 141.
(¬7) معرفة أنواع علم الحديث: 318.
(¬8) معرفة أنواع علم الحديث: 318، وشرح التبصرة 2/ 142، وقال الزّركشيّ في نكته 3/ 522: ((هذا نظير مسألة البيع كما سبق، وبها يعتضد وجه الصّحّة هنا، وحكى ابن الأثير في مقدمة جامع الأصول في هذه الحالة خلافاً، قال: فمنع منها قوم؛ لأنها تحتمل فيعتبر فيه تعيين المجمل - قال - وهذا هو الأخذ بالاحتياط، والأولى بنجابة المحدث وحفظه))، وانظر: جامع الأصول 1/ 83.
الصفحة 400