كتاب فتح الباقي بشرح ألفية العراقي (اسم الجزء: 1)
(وَ) لِذا (أَجَازَ الأَوَّلا) خَاصَّةً، الحافِظُ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ (بنُ أَبِي داودَ) السِّجِسْتَانيُّ، بَلْ فَعَلَهُ، فَقَالَ لِمَنْ سَأَلَهُ الإِجَازَةَ: أَجَزْتُ لَكَ، وَلأولادِكَ، وَلِحَبَلِ الْحَبَلَةِ، يعني: الذين لَمْ يُولَدُوا (¬1) بَعْدُ (¬2).
(وَهُوَ مُثِّلا) أي: شُبِّهَ (بالوَقْفِ)، والوصيةِ عَلَى الْمَعْدومِ، حَيْثُ يصِحَّانِ فِيهِ، إذَا عَطَفَ عَلَى مَوْجودٍ، ك: وقفْتُ، أَوْ أوصَيْتُ (¬3) فلاناً عَلَى أولادِي الموجودينَ، ومَنْ يحدِثُهُ الله لي مِنَ الأولادِ (¬4).
(لَكِنَّ) القاضِي (أبا الطيِّبِ رَدْ كِلَيْهِمَا) (¬5) أي: القِسْمينِ، (وَهْوَ الصَّحِيحُ الْمُعْتَمَدْ)؛ لأنَّ الإِجَازَةَ في حُكْمِ الإخبارِ جُملةً بالمجازِ؛ فَكَمَا لا يَصحُّ الإخبارُ للمعدومِ، لا تَصِحُّ الإِجَازَةُ لَهُ.
وفَارَقَتِ الوَقْفَ، بأنَّ المقصودَ (¬6) فِيْهَا اتِّصالُ السَّنَدِ، ولا اتِّصالَ بَيْنَ الموجودِ، والمعدومِ.
و (كَذَا) رَدَّهُما (أَبُو نَصْرٍ) ابنُ الصَّبَّاغِ (¬7).
(و) لَكِنْ (جَازَ) الإذْنُ لِلمَعْدُومِ (مُطْلَقا) عَنِ التَّقييدِ بأوَّلِهما (عِنْدَ) الحافِظِ أَبِي بَكْرٍ (الخطيبِ) قياساً عَلَى صِحَّةِ الإِجَازَةِ لِلْمَوجودِ، مَعَ عَدَمِ اللِّقاءِ، وبُعْدِ الدارِ (¬8).
(وَبِهِ) أي: بالجوازِ مطلقاً (قَدْ سُبِقا) أي: الْخَطيبُ (مِن ابنِ عَمْرُوْسٍ، مَعَ) أَبِي يَعْلَى ابنِ (الفَرَّاءِ)، وَغيرِهِ (¬9).
¬__________
(¬1) في (م): ((يولد)).
(¬2) الكفاية: (465 ت، 325 هـ)، والإجازة للمعدوم والمجهول: 76 ومن طريقه أورده القاضي عياض في الإلماع: 105، قال البلقيني في محاسن الاصطلاح: 271: ((يحتمل أن يكون ذلك على سبيل المبالغة وتأكيد الإجازة، لا أن المراد به حقيقة اللفظ)).
(¬3) في (م): ((وصّيت)).
(¬4) انظر: الأم للشافعي 4/ 129 - 130، وشرح التبصرة والتذكرة 2/ 143، وفتح المغيث 2/ 84، وقارن بـ: نكت الزّركشيّ 3/ 523، ومحاسن الاصطلاح: 271.
(¬5) الإجازة للمعدوم والمجهول: 80.
(¬6) في (ص): ((المقصد)).
(¬7) معرفة أنواع علم الحديث: 319.
(¬8) الكفاية: (466 ت، 325 هـ)، والإجازة للمعدوم والمجهول: 81.
(¬9) الإجازة للمعدوم والمجهول: 81، والإلماع: 102، والبحر المحيط 4/ 401.
الصفحة 402