(ولا تُحدِّثْ) نَدْباً (عَجِلاً) أي: في حالةِ كونِكَ مُسْتَعْجِلاً لقلةِ الفَهْمِ مَعَ ذَلِكَ؛ ولأنَّهُ قَدْ يُفْضِي إِلَى الْهَذْرَمَة الْمَنهيِّ عَنْهَا. (أَوْ إِنْ تَقُمْ) أي: أَوْ في حالِ (¬1) قِيَامِكَ، (أَوْ في الطَّريقِ)، وَلَوْ جَالِساً، تَعْظِيماً لِلْحَدِيْثِ، ولأنَّ ذَلِكَ يفرقُ القلبَ والفَهْمَ.
(ثُمَّ) بَعْدَ مَا مَرَّ (حَيْثُ احْتِيْجَ لَكَ في شَيْءٍ) مِن الْحَدِيْثِ (ارْوِهِ) وجوباً، كَمَا قَالَهُ الْخَطِيْبُ (¬2) لِخَبَرِ أَبِي داودَ (¬3)، وغيرِهِ: ((مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ نَافِعٍ، فَكَتَمَهُ جَاءَ يَومَ الْقِيَامَةِ مُلْجَماً بِلِجَامٍ مِنْ نارٍ)) (¬4).
وَقَالَ ابنُ الصَّلاَحِ: ((الَّذِي نقولُهُ أنَّهُ مَتَى (¬5) احتِيجَ إِلَى ما عِنْدَهُ استُحِبَّ لَهُ التَّصَدِّي لروايتِهِ، ونشرِهِ في، أيسنٍّ كَانَ)) (¬6).
وَقَالَ ابنُ النَّاظِمِ: ((والذي أقولُهُ أنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْحَدِيْثُ في ذَلِكَ البلدِ إلاَّ عِنْدَهُ، واحْتِيجَ إِلَيْهِ وَجَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وإنْ كَانَ ثَمَّ غيرُهُ. ففرضُ كِفايةٍ هَذَا)).
(وابنُ خلاَّدٍ) الرَّامَهُرْمُزِيُّ (سَلَكْ) في كِتَابِهِ " الْمُحَدِّثِ الْفَاصِلِ " (¬7) التَّحْديدَ بالسنِّ؛ فصرَّحَ (بأنَّهُ) أي: التَّحْدِيثُ (يَحْسُنُ للخَمسينَا عاماً) أي: بَعْدَهَا.
¬__________
(¬1) في (ص): ((حالة)).
(¬2) انظر: الجامع لأخلاق الرّاوي 1/ 323 عقب (717).
(¬3) سنن أَبي داود (3658).
(¬4) ورواه أحمد 2/ 263، وابن ماجه (266)، وابن حبان (95)، والطبراني في الأوسط (2311)
و (3346) و (3553)، وفي الصغير (160) و (315) و (452)، والحاكم 1/ 101، وابن عبد البر في جامع بيان العلم 1/ 4 - 5، والبغوي في شرح السنة (140) من طريق أَبي هريرة. وانظر: كلام أبي عبد الله الحاكم على هذا الحديث بعد تخريجه في مستدركه1/ 101، وتعليق الشّيخ شعيب على هذا الحديث
(¬5) في جميع النسخ الخطية: ((من))، وما أثبتناه من (م) وهو الموافق لما في معرفة أنواع علم الحديث.
(¬6) انظر: معرفة أنواع علم الحديث: 401
(¬7) 352 (287).