(وَ) لاَ تخُصَّ أحداً مِمَّنْ تُحدِّثُهم بإقبالِكَ عَلَيْهِ، بَلْ (أَقْبِلِ عَلَيْهِمِ) - بكسرِ الميم - جَمِيعاً نَدباً، لِقَوْلِ حبيبِ بنِ أَبِي ثابتٍ: ((إنَّهُ من السُّنَّةِ)) (¬1).
(ولِلحَدِيْثِ رَتِّلِ) نَدْباً، ولا تسرُدْهُ سَرْداً يَمْنعُ السَّامِعَ مِن إدْرَاكِ بَعْضِهِ، فَفِي
" الصَّحِيْحَيْنِ " (¬2) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا: ((لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُسْرِدُ الْحَدِيْثَ كَسَرْدِكُمْ)) (¬3). زادَ التِّرْمِذِيُّ: ((وَلَكِنَّهُ كَانَ يَتَكَلَّمُ بِكَلاَمٍ بَيِّنٍ فَصْلٍ يَحْفَظُهُ مَنْ جَلَسَ إِلَيْهِ))، قَالَ: إنَّهُ حَسَنٌ صَحِيْحٌ (¬4).
ولا تُطِلِ الْمَجْلِسَ، بَلْ اجْعَلْهُ مُتوسِّطاً، حَذَراً من سآمَةِ السَّامِعِ وَمَللِهِ، إلا إنْ علمتَ أن الْحَاضِرينَ لا يتبرمون بطولِهِ.
فَقَدْ قَالَ الزُّهْرِيُّ وغيرُهُ: ((إِذَا طالَ الْمَجْلِسُ كَانَ لِلشَّيْطَانِ فِيْهِ نَصِيبٌ)) (¬5).
(واحْمَدْ) رَبَّكَ تَعَالَى، (وَصَلِّ مَعْ سَلامٍ) عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، (وَ) مَعَ (دُعَا) (¬6) يَلِيقُ بِالْحَالِ (في بدء) كُلِّ (مَجْلِسٍ وَ) في (خَتْمِهِ مَعَا)، فكُلُّ ذَلِكَ مَنْدُوبٌ.
كأنْ يَقُوْلَ (¬7): ((الْحَمْدُ للهِ حَمْداً كَثِيْراً طَيِّباً مُبَارَكاً فِيْهِ، كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا
¬__________
(¬1) رواه الْخطيب في الجامع 1/ 305 (685) و 1/ 411 (981).
(¬2) قلّد المصنف هنا الحافظ العراقي، فإنّه عبر بنفس كلامه هنا، وقول المصنف هذا فيه إيهام أن البخاري أخرج الحديث موصولاً، وليس الأمر كذلك؛ إنما أخرجه البخاري تعليقاً 4/ 231 (3567)، قال الليث: حدَّثني يونس، عن ابن شهاب أنّه قال: أخبرني عُروة بن الزبير، عن عائشة ... ، وانظر: تحفة الأشراف 12/ 105 (16698)، فقد نص على أنَّه معلق عند البخاري.
(¬3) أخرجه الحميدي (247)، وأحمد 6/ 118 و 138 و 157 و 257، والبخاري 4/ 231 (3567 معلقاً)، ومسلم 7/ 167 (2493)، وأبو داود (3654) و (3655) و (4839)، وفي الشمائل (223)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (413)، وأبو يعلى (4393) و (4677)، وابن حبان (7153) من حديث عروة عن عائشة.
(¬4) الترمِذي (3639).
(¬5) رواه الخطيب في الجامع 2/ 128 (1385)، وانظر: أدب الإملاء والاستملاء: 68.
(¬6) في (م): ((ودعاء)).
(¬7) في (ع) و (م): ((تقول)).