كتاب فتح الباقي بشرح ألفية العراقي (اسم الجزء: 2)

مَالِكٍ (¬1) وآدمِ بنِ أَبِي إياسٍ، بِمَجْلِسِ شُعْبَةَ (¬2) تَعْظِيماً لِلْحَدِيْثِ، ولأنَّ ذَلِكَ أبلغُ لِلسَّامِعينَ.
(يتْبَعُ) الْمُسْتَمْلِي (مَا يَسْمَعُهُ) مِنْكَ، وَيوردُهُ عَلَى وَجْهِهِ مِن غَيْرِ تغيُّرٍ (مُبَلِّغاً) بِذَلِكَ مَنْ لَمْ يَبْلغْهُ لفظُ الْمُمْلِي، (أَوْ مُفْهِمَا) بِهِ مَنْ يبلغُهُ عَلَى بُعْدٍ، وَلَمْ يَتَفَهَّمْهُ فيتوصَّلُ بِصَوتٍ الْمُسْتَمْلِي إِلَى تَفَهُّمِهِ، وتَحَقُّقِهِ (¬3). وَقَدْ تَقَدمَ بيانُ حُكْمِ مَنْ يَسْمَع إلا مِنَ الْمُسْتَمْلِي.
(واسْتَحْسَنُوا) أي: الْمُحَدِّثُوْنَ مِمَّنْ تَصَدَّى للإملاءِ، أَوْ التَّحْدِيثِ (البَدْءَ) أي: الابتداءَ في مَجْلِسِهِ (بِقارِئِ تَلاَ) أي: بقراءةِ قَارِئٍ مِنَ الْمُسْتَمْلِي، أَوْ الْمُمْلِي، أَوْ غَيْرِهِما مِنَ الْحَاضِرِينَ شَيْئاً مِنَ الْقُرْآنِ (¬4).
فَقَدْ كَانَتِ الصَّحَابَةُ - رضي الله عنهم -، إِذَا قَعَدُوا يَتَذاكَرُونَ في الْعِلْمِ يأمرُونَ رَجُلاً أَنْ يَقْرأ سُوْرَةً (¬5)، واختارَ شَيْخُنَا تَبَعاً لِلنَّاظِمِ أَنْ تَكُونَ (¬6) سورةَ ((الأعلَى))، لِمُناسَبَةِ
{سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنْسَى} (¬7).
(وبَعْدَهُ) أي: بَعْدَ (¬8) الفَرَاغِ مِن التِّلاوَةِ (اسْتَنْصَتَ) أي: الْمُسْتَمْلِي، أَوْ الْمُمْلِي، أَوْ غيرهما إن احْتِيجَ للاسْتِنْصَاتِ اقتداءً بِمَا في " الصَّحِيْحَيْنِ " من قولِهِ - صلى الله عليه وسلم - لِجَريرٍ في حجَّةِ الوَدَاعِ: ((اسْتَنْصِتِ النَّاسَ)) (¬9).
¬__________
(¬1) انظر: الجامع لأخلاق الرّاوي 2/ 66 (1200)، وأدب الإملاء والاستملاء: 88 - 89.
(¬2) انظر: الجامع لأخلاق الرّاوي 2/ 56 (1155)، وأدب الإملاء والاستملاء: 15.
(¬3) قال الزركشي: ((عبارة الخطيب: ويستحب له ألا يخالف، وكذا قال ابن السمعاني في أدب الإملاء، ثُمَّ صرّح بالوجوب فقال: ويستحب للمستملي ألا يخالف لفظ المملي في التبليغ عنه، بل يلزمه ذلك، خاصة إذا كان الراوي من أهل الدراية والمعرفة بأحكام الرواية)). نكت الزركشي 3/ 650، وانظر: الجامع لأخلاق الراوي 2/ 67، وأدب الإملاء: 105.
(¬4) انظر: أدب الإملاء والاستملاء: 98. وقال الخطيب: سورة من القرآن. انظر: الجامع لأخلاق الرّاوي 2/ 68 عقب (1206).
(¬5) انظر: الفقيه والمتفقه 2/ 127، والجامع لأخلاق الرّاوي 2/ 68 (1207).
(¬6) في (م): ((يكون)).
(¬7) الأعلى: 6.
(¬8) لم ترد في (م).
(¬9) صحيح البخاري 1/ 41 (121) و 5/ 224 (4405) و 9/ 3 (6869) و 63 (7080) وصحيح مسلم 1/ 58 (65). وأخرجه الطيالسي (664)، وابن أبي شيبة (37164)، وأحمد= =4/ 385 و 363 و 366، والدارمي (1927)، وابن ماجة (3942)، والنسائي 7/ 127 و 128 وفي الكبرى (5882)، والطحاوي في شرح المشكل (2496)، وابن حبان (5949)، والطبراني في الكبير (2277) (2402)، وابن مندة في الإيمان (657)، والبغوي (2550).

الصفحة 110