ويندبُ أنْ يُنَبِّهَ عَلَى فَضْلِ مَا يَرْوِيهِ، وعلى علوِّ سَنَدِهِ، وثقةِ راوِيهِ، وَمَا انْفَرَدَ عَنْ شيخِهِ بِهِ، وَكونِ الْحَدِيْثِ لا يُوْجَدُ إلاّ عِنْدَهُ (¬1). (وَلاَ تَزِدْ) في إمْلائِكَ (عَنْ كُلِّ شَيْخٍ) مِن شُيوخِكَ (فَوْقَ مَتْنٍ) واحِدٍ، فإنَّهُ أعمُّ منفعَةً.
(واعتمِدْ) فِيْمَا تَرْويهِ (عاليَ إسْنادٍ قَصيرَ مَتْنِ)، لِمَزيدِ الفائدةِ فِيْهِ (¬2)، (واجْتَنِبِ) في إمْلائِكَ (الْمُشْكِلَ) مِنَ الأحاديثِ التِي لا تَحْتملها (¬3) عُقُوْلُ الْعَوامِ، كأحَادِيثِ الصِّفَاتِ التِي ظَاهِرُهَا يقتضي التَّشْبيهَ والتَّجْسِيمَ، وإثْبَاتِ الْجَوارِحِ، والأعْضَاءِ للأزليِّ الْقَديْمِ (خَوفَ الْفَتْنِ) - بفتحِ الفاءِ من فَتَنَ -، أي: خوفَ الافتِتَانِ، والضَّلالِ؛ فإن سامعَها لجهلِهِ مَعَانِيهَا، يَحْمِلُها عَلَى ظَاهِرَها، أَوْ يُنْكِرُهَا فيردُّهَا، و (¬4) يكذِّبُ رواتها (¬5). وَقَدْ صَحَّ قولُهُ - صلى الله عليه وسلم -: ((كَفَى بِالْمَرْءِ كِذْباً أنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ)) (¬6).
وقولُ ابنِ مَسْعُودٍ: ((إنَّ الرَّجُلَ ليحدِّثَ بالْحَدِيْثِ، فَيَسمعُهُ مَنْ لا يَبْلغُ عقلُهُ فهمَ ذَلِكَ الْحَدِيْثِ فَيَكُوْنُ عَلَيْهِ فِتْنَةً)). (¬7)
وَقَوْلُ الإمَامِ مَالِكٍ: ((شَرُّ العِلْمِ: الغَرِيْبُ، وَخَيْرُ العِلْمِ: الْمَعْرُوْفُ الْمُسْتَقِيمُ)) (¬8).
وأَمَّا خَبَرُ: ((حَدِّثُوا عَنْ بَنِيْ إِسْرَائِيْلَ وَلاَ حَرَجَ)) (¬9). فَقَالَ بعضُ العُلَمَاءِ إنَّ قَوْلَهُ:
¬__________
(¬1) الجامع لأخلاق الرّاوي 2/ 93 عقب (1272)، و 2/ 97 عقب (1283)، و 2/ 102 عقب (1301) و (1302)، و2/ 120 عقب (1360)، و 2/ 122 عقب (1366).
(¬2) الجامع لأخلاق الرّاوي 2/ 88 عقب (1258).
(¬3) في (م): ((تحملها)).
(¬4) في (م): ((أو)).
(¬5) الجامع لأخلاق الرّاوي 2/ 107 - 108 عقب (1317).
(¬6) الجامع2/ 108 (1319). والحديث أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه1/ 8، وأبو داود (4992).
(¬7) رواه مسلم في مقدمة صحيحه 1/ 11 وفيه انقطاع.
(¬8) روى نحوه الخطيب في الجامع لأخلاق الرّاوي 2/ 100 (1292).
(¬9) تقدم تخريجه من حديث عبد الله بن عمرو وأخرجه الحميدي (1165)، وأحمد 2/ 474 و 502، وأبو داود (3662) من حديث محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.