كتاب فتح الباقي بشرح ألفية العراقي (اسم الجزء: 2)

(ومَنْ يَقُلْ) كأبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ: (إِذَا كَتبْتَ قَمِّشِ) أي: اجْمَعْ مِنْ هَاهُنَا، ومن (¬1) هَاهُنَا، أي: ارْوِ، وَلَوْ عَمَّنْ لاَ قَدْرَ لَهُ، (ثُمَّ إِذَا رويتَهُ فَفَتِّشِ (¬2)، فَلَيْسَ) هُوَ (مِنْ ذَا) أي: الاسْتِكْثَارِ العَاطِلِ.
نَقَلَهُ عَنْهُ ابنُ الصَّلاَحِ (¬3).
قَالَ النَّاظِمُ: ((وَلَمْ يبيِّنْ مُرادَهُ بِذَلِكَ، وكأنَّهُ أرادَ: اكتُبِ الفائِدَةَ مِمَّنْ سَمِعْتَها، ولا تؤخِّرْ ذَلِكَ حَتَّى تَنظرَ (¬4) فِيمَنْ حَدَّثَكَ: أَهُوَ أَهْلٌ أَنْ يُؤْخَذَ عَنْهُ أَمْ لا؟ فَرُبَّمَا فَاتَ ذَلِكَ بِمَوتِ الشَّيْخِ، أَوْ سَفَرِهِ، أَوْ سَفَرِكَ، فإذا كَانَ وَقْتُ الرِّوَايَةِ عَنْهُ، أَوْ وَقْتُ العَمَلِ بالْمَرْوِيِّ، فَفَتِّشْ حِينئِذٍ)) (¬5).
قَالَ: ((ويحتملُ أنَّهُ أرَادَ اسْتِيْعابَ الكِتَابِ الْمَسْمُوعِ، وتركَ انْتِخَابِهِ، أَوْ اسْتِيعابَ مَا عِنْدَ الشَّيْخِ وَقْتَ التَّحَمُّلِ، فإذا كَانَ وقتُ الرِّوَايَةِ، أَو العَمَلِ نَظَرَ فِيْهِ، وتَأمَّلَهُ)) (¬6).
(والْكِتَابَ) أَوِ الْجُزْءَ (تَمِّمِ) أَنْتَ (سَمَاعَهُ)، وَكِتَابَتَهُ، و (لاَ تِنْتَخِبْهُ) بأَنْ تَخْتَارَ مِنْهُ مَا تُريدُهُ. (تَنْدَمِ)؛ لأنَّكَ قَدْ تَحْتَاجُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى رِوَايَةِ شَيءٍ مِنْهُ، فَلاَ تَجِدْهُ فِيْمَا انْتَخَبْتَهُ مِنْهُ (¬7).
وَقَدْ قَالَ ابنُ الْمُبَارَكِ: ((مَا انْتَخَبتُ عَلَى عَالِمٍ قَطُّ إلاّ نَدِمْتُ)) (¬8). وفي رِوَايَةٍ عَنْهُ: ((ما جَاءَ مِنْ مُنْتَقٍ خَيْرٌ قَطُّ)) (¬9).
وعن ابنِ مَعِيْنٍ: ((سيَنْدَمُ الْمُنْتَخِبُ في الْحَدِيْثِ، حَيْثُ لا يَنْفَعُهُ النَّدَمُ)) (¬10).
¬__________
(¬1) لم ترد في (ع).
(¬2) قول أبي حاتم أسنده الخطيب في جامعه 2/ 220 (1670).
(¬3) انظر: معرفة أنواع علم الحديث: 415.
(¬4) في (م): ((تنتظر)).
(¬5) انظر: شرح التبصرة والتذكرة 2/ 343.
(¬6) انظر: شرح التبصرة والتذكرة 2/ 343.
(¬7) انظر: ما سبق.
(¬8) الجامع 2/ 156 رقم (1471)، والإلماع: 218.
(¬9) الجامع 2/ 187 رقم (1566).
(¬10) معرفة أنواع علم الحديث: 416.

الصفحة 124