كتاب فتح الباقي بشرح ألفية العراقي (اسم الجزء: 2)
(وإلاّ) وإنْ لَمْ يَكُنْ مُحْضِرُهُ ثقةً (بَطَلَ) كُلٌّ مِنَ الْمُناولةِ، والإذنِ (اسْتيقَانا).
نَعَمْ! إنْ تَبَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ بِخبرِ ثِقَةٍ أنَّ ذَلِكَ من مَرويِّهِ، فالظاهِرُ - كَمَا قَالَ النَّاظِمُ (¬1) - الصِّحَّةُ أخذاً مِمّا يأتي؛ لزوالِ مَا كُنّا نَخْشَى مِن عَدمِ ثقةِ المخبرِ.
(و) أما (إنْ يَقُل) لمحضرِهِ، وَلَوْ غَيْرُ ثِقَةٍ: (أَجَزْتُهُ) لَكَ (إنْ كَانا ذَا) أي: إنْ كَانَ الْمُجازُ بِهِ (مِنْ حَديْثي)، أَوْ مرويِّ، أَوْ نحوِه، مَعَ براءتي من الغلطِ والوهْمِ، (فَهْوَ فِعْلٌ حَسَنُ).
فإنْ كَانَ المحضِرُ ثِقَةً، جازَتْ روايتُهُ بِذَلِكَ، أَوْ غَيْرَ ثِقَةٍ، ثُمَّ تبيَّنَ بخبرِ ثِقَةٍ أنَّه مِنَ مرويِّ الشَّيْخِ، فَكذلِكَ؛ لتبيُّنِ كَونِهِ مِن مرويِّه، كَمَا زادَهُ بقولِهِ: (يُفيدُ حَيْثُ وَقَعَ التَّبيُّنُ).
النَّوع الثَّانِي: مَا ذكرَهُ بقولِهِ:
(وإنْ خلَتْ من إذن المناولَهْ) بأنْ نَاولَهُ مرويَّهُ، واقتصرَ عَلَى قولِهِ: هَذَا مِن مرويِّ، أَوْ حديثي، أَوْ نحوِه.
(قِيلَ: تَصِحُّ (¬2))، فتجوزُ الرِّوَايَةُ بِهَا لإشعارِها بالإذنِ في الرِّوَايَةِ (¬3).
(والأَصَحُّ) أنَّها (باطِلهْ) فَلا تجوزُ الرِّوَايَةُ بِهَا، لِعَدمِ التَّصْرِيحِ بالإذنِ فِيْهَا (¬4)، وَفيهِ نَظرٌ يُؤخذُ مِن كَلامِ ابنِ أَبِي الدمِ الآتي في السَّابِعِ.
¬__________
(¬1) شرح التبصرة والتذكرة 2/ 167.
(¬2) في (م): ((يصح)).
(¬3) معرفة أنواع علم الْحَدِيْث: 328. ونقل ابن الصَّلاَح حكاية الخطيب عن طائفة من أهل العِلْم: أنهم صححوها وأجازوا الرّواية بِهَا، قال ابن الصّلاح: ((فهذه مناولة مختلة، لا تجوز الرّواية بِهَا، وعابَها غير واحد من الفقهاء والأصوليين على الْمحدّثين الذين أجازوها، وسوغوا الرّواية بها)). وقال النّوويّ في
" التقريب والتيسير ": ((لا تجوز الرّواية بها على الصّحيح الذي قاله الفقهاء، وأصحاب الأصول)). وهذا مخالف لما قاله جماعةمن أهل الأصول كصاحب المحصول والآمدي.
انظر: معرفة أنواع علم الحديث: 328، والتقريب: 116، والمحصول 2/ 223، وطبعة العلواني 2/ 1/648، وإحكام الأحكام 2/ 91.
(¬4) قال الخطيب: من فعلها لعدم التصريح بالإذن فيها فلا تجوز الرّواية بها. انظر: الكفاية: (493 ت، 346 هـ)، وفتح المغيث 2/ 110.
الصفحة 13