كتاب فتح الباقي بشرح ألفية العراقي (اسم الجزء: 2)

(فاعْنِ بِهِ) أي: بعلمِ الغريبِ، أي: اجْعلْهُ في (¬1) عِنَايَتِكَ حِفْظاً
وتَدَبُّراً (¬2)، (ولا تَخُضْ) فيهِ رَجْماً (¬3) (بالظَّنِّ).
فَقَدْ قالَ الإمامُ أحمدُ حِيْنَ سُئِلَ عَنْ حَرْفٍ مِنْ غريبِ الحَدِيْثِ: ((سَلُوا أصْحابَ الغَريبِ، فإنِّي أكْرَهُ أنْ أتَكَلَّمَ في قولِ رسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بالظَّنِّ)) (¬4).
وسُئِلَ الأصْمَعِيُّ عَنْ حدِيثِ: ((الجَارُ أحَقُّ بِسَقَبِهِ)) (¬5)، فقالَ: ((أنا لاَ أُفَسِّرُ حديثَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، ولكِنَّ العَرَبَ تَزْعُمُ أنَّ السَّقَبَ: اللُّزَيْقُ)) (¬6).
(ولاَ تُقَلِّدْ غَيْرَ أهْلِ الفَنِّ) أي: الغَرِيْبَ في النَّقْلِ عَنْهُ.
(وخَيْرُ مَا فَسَّرْتَهُ) أي: الغريبَ بهِ مَا كانَ (ب‍) ‍الْمَعْنَى (الوَارِدِ) في بَعْضِ الرِّواياتِ مُفَسِّراً لِذلِكَ الغريبِ.
(كالدُّخِّ) - بضمِّ الدَّالِ أشْهَرُ مِنْ فَتْحِها، وبالمعْجَمةِ - فإنَّهُ جاءَ في رِوَايةٍ أُخْرَى مَا يَقْتَضِي تفْسِيرَهُ (بالدُّخَانِ)، مَعَ أنَّهُ لغةٌ فِيهِ، حَكَاها الجَوْهَرِيُّ، وغيرُهُ في
¬__________
(¬1) في (ق): ((من)).
(¬2) فتح المغيث 3/ 47.
(¬3) المصدر السابق.
(¬4) العلل ومعرفة الرجال (رواية المروذي): 217 رقم (413).
(¬5) أخرجه الحميدي (552)، وأحمد 6/ 10 و 390، والبخاري 3/ 114 (2258) و 9/ 35 (6978) و 36 (6980) و 37 (6981)، وأبو داود (3516)، وابن ماجه (2495)، والنسائي 7/ 320 والبغوي 8/ 242 من حديث أبي رافع.
وأخرجه ابن أبي شيبة (22721)، وأحمد 4/ 389 و 390، وابن ماجه (2496)، والنسائي 7/ 320، وابن الجارود (645)، والطحاوي 4/ 324، والدارقطني 4/ 224، والبيهقي 6/ 105 من حديث الشريد بن سويد.
وجاء في بعض ألفاظ الحديث: ((بصقبه)) بالصاد وهما بمعنى؛ قال ابن الأثير في النهاية 2/ 377: ((السقب بالسين والصاد في الاصل: القرب، يقال: سقبت الدار وأسقبت، أي: قربت)).
(¬6) شرح السّنّة 8/ 242، ومعرفة أنواع علم الحديث: 439، وشرح التبصرة والتذكرة 2/ 400، وفتح المغيث 3/ 47.

الصفحة 163