القِصَّةِ المشْهُورةِ (لابنِ صَائِدِ) أبي عمارةَ عبدِ اللهِ - ويُقالُ لهُ: ابنُ صَيَّادٍ (¬1) أيضاً - أخرجَهَا الشَّيْخَانِ عنِ ابنِ عُمَرَ أنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا قالَ لهُ (¬2): ((خَبَّأْتُ لَكَ خَبِيْئاً، فَمَا هوَ؟ قَالَ: هُوَ الدُّخُّ)) (¬3).
(كَذاكَ) (¬4) أي: كَوْنُ مَعْناهُ الدُّخانُ ثَبَتَ (عِنْدَ التِّرْمِذِيْ) (¬5) - بالإسْكانِ لما مَرَّ - وصَحَّحَهُ، وكذا عِنْدَ أبي دَاوُدَ (¬6)، قَالا: وخَبأ - يَعْنِي النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لَهُ: {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِيْنٍ} (¬7).
وحَكَى أبو مُوسَى الْمَدِيْنِيُّ: أنَّ السِّرَّ في امْتِحَانِهِ لَهُ بِهَذِهِ الآيَةِ الإشَارَةُ إلى أنَّ عِيْسَى عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ (¬8) يَقْتُلُ الدَّجَّالَ بِجَبَلِ الدُّخَانِ (¬9)، كَمَا جَاءَ في رِوَايةِ الإمامِ أحمدَ (¬10)، فأرادَ التعريضَ لَهُ بِذَلِكَ؛ لأنَّهُ كَانَ يَظُنُّ أنَّهُ الدَّجَّالُ.
(والحَاكِمُ فَسَّرَهُ الْجِمَاعَ)، أي (¬11): بِهِ (وَهْوَ) - كَمَا قَالَ الأئِمَّةُ: - (وَاهمُ) في ذَلِكَ (¬12).
¬__________
(¬1) في (ص): ((صايد))
(¬2) ((له)): سقطت من (ق).
(¬3) صحيح البخاريّ 8/ 49 (1354) و (1355)، وصحيح مسلم 8/ 189 (2930) من حديث عبد الله بن عمر.
(¬4) في (ع) و (م): ((كذلك)). وما أثبتناه من (ص) و (ق). وهو الموافق لما جاء في نسخ مَتْن الألفية.
(¬5) التّرمذي (2249) وفي (2235) مختصراً.
(¬6) سنن أبي داود (4329) و (4757).
(¬7) الدخان: 10.
(¬8) في (م): ((عليه السلام)).
(¬9) قال ابن الاثير في النهاية 2/ 107: ((الدخّ - بضم الدال وفتحها -: الدّخان. وفسّر في الحديث أنه أراد بِذَلِكَ: {يوم تأتي السماء بدخان مبين}، وَقِيْلَ: إن الدجال يقتله عيسى عليه السلام بجبل الدّخان. فيحتمل أن يكون أراده تعريضاً بقتله؛ لأن ابن صيّاد كان يُظَن أنه الدجال)).
(¬10) مسند الإمام أحمد 3/ 367 - 368.
(¬11) ((أي)) سقطت من (ق).
(¬12) قال ابن الصّلاح: ((وهذا تخليط فاحش يغيظ العالم والمؤمن)). معرفة أنواع علم الحديث: 440. وتعقب الحافظ العراقي الحاكم في شرح التبصرة والتذكرة2/ 404، وانظر: تاج العروس 7/ 249.