كتاب فتح الباقي بشرح ألفية العراقي (اسم الجزء: 2)

(مُسَلْسَلُ الْحَدِيثِ ما تَواردَا) أي: تَشَارَكَ (فِيهِ الرُّواةُ) لَهُ (واحداً فَواحدا حَالاً) أي: عَلى حَالٍ (لَهُمْ) قولياً كَانَ الْحَالُ، كقولِهِ - صلى الله عليه وسلم - لمعاذٍ: ((إنِّي أحِبُّكَ، فَقُلْ فِيْ دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ: اللَّهُمَّ أعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ)) (¬1). فإنَّهُ (¬2) مُسَلْسَل بقولِ كُلٍّ من رواتِهِ: إني أحبُّكَ، فَقُل.
أَوْ فعلياً، كقولِ أَبِي هُرَيْرَةَ: ((شَبّكَ بِيَدِي أَبُو القَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم -، وَقَالَ: خَلَقَ اللهُ الأرْضَ يَوْمَ السَّبْتِ)) (¬3) الْحَدِيْثُ. فإنَّهُ مسلسلٌ بتشبيكِ كُلِّ مِنْهُمْ بيد مَنْ رواهُ عَنْهُ.
وقد يجتمعانِ، كَمَا في حَدِيْثِ أنسِ: ((لاَ يَجِدُ الْعَبْدُ حَلاَوَةَ الإِيْمَانِ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ حُلْوِهِ وَمُرِّهِ. وَقَالَ: وَقَبَضَ رَسُوْلُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى لِحْيَتِهِ، وَقَالَ: آمَنْتُ بِالْقَدْرِ ... إلى آخِرِهِ)) (¬4)، فإنَّهُ مسلسلٌ بقبضِ كُلٍّ مِنْهُمْ عَلَى لحيتِهِ مع قولِهِ: ((آمنتُ بالقدر (¬5))) إلى آخرِهِ.
¬__________
(¬1) أخرجه أحمد 5/ 244 و 247، وأبو داود (1522)، والنسائي 3/ 53، وفي الكبرى (1226) و (9937)، وفي عمل اليوم والليلة (109)، وابن خزيمة (751) جميعهم من طريق حيوة بن شريح،
قَالَ: سَمِعْتُ عقبة بن مُسْلِم، قَالَ: حَدَّثني أبو عَبْد الرَّحْمَان الحبلي، عَنْ الصنابحي، عَنْ معاذ بن جبل. وفي آخره: ((وأوصى بِذَلِكَ معاذ الصنابحي، وأوصى الصنابحي أبا عَبْد الرَّحْمَان، وأوصى أبو
عَبْد الرَّحْمَان عقبة بن مُسْلِم)) وانظر: المناهل السلسلة: 24 - 27.
(¬2) في (م): ((فإن)).
(¬3) السند المسلسل أخرجه الحاكم في معرفة علوم الحديث: 33، واللكنوي في ظفر الأماني: 290، وبدون التسلسل أخرجه أحمد 2/ 327، ومسلم 8/ 127 (2789)، وأبو يعلى (6132)، وأبو الشيخ في العظمة (878) و (879)، والبيهقي في الأسماء والصفات: 383 - 384، وأشار إلى ضعف تسلسله. وكذا قال السخاوي. وانظر: العجالة: 13 و 14، وظفر الأماني: 290.
(¬4) أخرجه الحاكم في معرفة علوم الحديث: 31 - 32 - كما سبق -، وأخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق 5/ 251 و 23/ 208 (5042)، والذهبي في السِّيَر 8/ 287 من طريق أبي بكر محمد بن أحمد العامري عن سليمان بن شعيب، به.
وقد عزاه اللكنوي في ظفر الأماني: 298 بالسند إلى السيوطي من طريق الحاكم النيسابوري. وقد عزاه صاحب الكنْز 1/ 351 (1571) إلى ابن عساكر من طريق سليمان بن شعيب بسند آخر يخالف الذي في تاريخ دمشق.
(¬5) من (ص) و (ق) فقط.

الصفحة 166