(وَقَسْمُهُ) أي: وَتَقْسِيمُ الْمُسَلْسَلِ (إلى) أنواعٍ (ثمانٍ)، كَمَا فعلَهُ الحاكِمُ (¬1) إنَّما هِيَ (مُثُلُ) لَهُ، وَلَمْ يُرد الحصرَ فِيْهَا كَمَا فهمَهُ ابنُ الصَّلاَحِ عَنْهُ، وكلامُهُ مؤذنٌ بأنهُ إنما ذكر مِن أنواعِهِ مَا يدلُّ عَلَى الاتّصالِ (¬2).
قَالَ ابنُ الصَّلاَحِ: ((ومن فضيلتِهِ اشتمالُهُ عَلَى مزيدِ الضبْطِ من الرُّوَاةِ)).
قَالَ: ((وخيرُ الْمُسَلْسَلاتِ مَا كَانَ فِيْهِ دَلاَلَةٌ عَلَى اتصالِ السَّمَاعِ، وعدمِ التدليسِ)) (¬3).
(و) لَكِنْ (قَلَّما (¬4) يَسلَمُ) الْمُسَلْسَلُ (ضَعْفاً) أي: من ضَعْفٍ (يَحصُلُ) في وصفِهِ لا في أصْلِ الْمَتْنِ.
(وَمِنْهُ ذُو نَقْصٍ) لِلتَّسَلْسلِ (بقَطْعِ السِّلْسِلَهْ) في أوَّله، أَوْ وسطه، أَوْ آخره (كأوّليّةٍ) (¬5) أي: كَحَدِيْثِ عبدِ اللهِ بن عمرو بنِ العاص: ((الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَانُ)) المسلسلِ بالأوليةِ، فإنه إنَّما صَحَّ تسلسُلُهُ إلى سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ وانقطعَ فِيْمَنْ (¬6) فوقَهُ (¬7)
¬__________
(¬1) معرفة علوم الحديث: 31 - 34.
(¬2) قال العراقي في شرح التبصرة والتذكرة 2/ 411: ((لم يقل الحاكم إنه ينحصر في ثمانية أنواع، كما فهمه ابن الصّلاح، وإنما قال بعد ذكره الثمانية: ((فهذه أنواع المسلسل من الأسانيد المتصلة التي لا يشوبها تدليس وآثار السّماع بين الراويين ظاهرة))، فالحاكم إنما ذكر من أنواع المسلسل ما يدل على الاتصال)). وانظر فتح المغيث 3/ 54، وشرح السيوطي على ألفية العراقي: 160.
(¬3) معرفة أنواع علم الحديث: 443.
(¬4) في (م): ((قلّ ما)).
(¬5) في (م): ((كالأولية)).
(¬6) في (م): ((ممن)).
(¬7) وقد رواه مسلسلاً اللكنوي في ظفر الأماني: 287 - 288.
وقد أخرجه بدون التسلسل الحميدي (591) و (592)، وابن أبي شيبة (25346)، وأحمد 2/ 160، والبخاري في تاريخه الكبير9/ 64 (574)، وأبو داود (4941)، والترمذي (1924)، والحاكم 4/ 159، والبيهقي 9/ 41، والخطيب في تاريخه 3/ 260 و 438 جميعهم من طريق سفيان، عن عمرو ابن دينار، عن أبي قابوس، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((الراحمونَ يرحمهمُ الرحمانُ، ارحموا مَنْ في الأرض يرحمكم من في السماء، الرحم شُجْنَةٌ من الرحمن، فمَنْ وصَلَها وصَلَه اللهُ ومن قطعها قطعه اللهُ))، واللفظ للترمذي.