ثُمَّ بيَّنَ مَرْتَبَتَهُمْ، فَقَالَ: (وَهُمْ) كُلُّهم باتفاقِ أهلِ السُّنَّةِ عَلَى ما حَكَاهُ ابنُ
عَبْدِ البَرِّ (¬1) (عُدُولٌ) وإنْ دَخلُوا في الْفِتْنَةِ نظراً إلى ما اشتَهَرَ عَنْهُمْ مِنَ المآثِرِ الْجَميلَةِ، ولقولِهِ تَعَالَى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} (¬2)، وقولِهِ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوْا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} (¬3).
ولقولِهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((لاَ تَسُبُّوْا أصْحَابِيْ، فَوَالَّذِيْ نَفْسِيْ بِيَدِهِ، لَوْ أنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَباً، مَا أدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلاَ نَصِيْفَهُ)) رَوَاهُ الشَّيْخانِ (¬4).
وَقَولُهُ - صلى الله عليه وسلم -: ((اللهَ اللهَ فِيْ أصْحَابِيْ لاَ تَتَّخِذُوهُمْ غَرَضاً، فَمَنْ أَحَبَّهُمْ فَبِحُبِّيْ أحبهُم، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ فَبِبُغْضِيْ أَبْغَضَهُمْ، وَمَنْ آذَاهُمْ فَقَدْ آذَانِيْ، وَمَنْ آذَانِيْ فَقَدْ آذَى اللهَ وَمَنْ آذَى اللهَ (¬5) فَيُوْشِكُ أنْ يَّأْخُذَهُ)) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ (¬6)، وابنُ حِبّانَ في " صَحِيْحِهِ " (¬7).
وَ (قِيْلَ: لاَ) يحكمُ بعدالةِ (مَنْ دَخَلاَ) مِنْهُمْ (في فِتْنَةٍ) وقعَتْ من حينِ مَقْتَلِ عُثْمَانَ، كالجمَلِ وصفينَ إلا بَعْدَ البَحْثِ عَنْهَا؛ لأنَّ أحدَ الفريقينِ فاسقٌ (¬8).
¬__________
(¬1) وعبارته: ((ونحن وإن كان الصحابة - رضي الله عنهم - قد كفينا البحث عن أحوالهم لإجماع أهل الحق من المسلمين، وهم أهل السنة والجماعة على أنهم كلهم عدول)) الاستيعاب 1/ 9.
(¬2) آل عمران: 104.
(¬3) البقرة: 143.
(¬4) أخرجه البخاري5/ 10 (3673)، ومسلم 7/ 188 (2541) (222)، وكذلك أخرجه الطيالسي (2183)، وعلي بن الجعد (760) و (3553)، وابن أبي شيبة (32394)، وأحمد 3/ 11 و 54، وفي الفضائل له (5) و (6) و (7)، وعبد بن حميد (918)، وأبو داود (4658)، والترمذي (3861)، وابن أبي عاصم (988) إلى (991)، والبزار (2768)، وأبو يعلى (1087) و (1198)، وابن حبان (7003)، والخطيب البغدادي في " تاريخه " 7/ 144، والبغوي (359) من حديث أبي سعيد الخدري.
(¬5) عبارة: ((ومن آذى الله)) لم ترد في (م).
(¬6) (3862).
(¬7) (7265). وأخرجه أحمد 4/ 87 و 5/ 54 و 55و 57، وفي الفضائل له (3)، وعبد الله بن أحمد في زوائده على الفضائل (2) و (4)، وأبو نعيم في الحلية 8/ 287، والبغوي (3860)، والمزي في تهذيب الكمال 17/ 112. من حديث عبد الله بن مغفل.
(¬8) قال ابن كثير في إختصار علوم الحديث: 182: ((وقول المعتزلة: الصّحابة عدول إلا من قاتل علياً: قول باطل مرذول ومردود)).