وكالشَّعْبيِّ، والنَخَعيِّ مُحْتَجِّينَ بِخَبرِ مُسْلِمٍ: عَنْ أبِيْ سَعِيْدٍ الْخُدْرِيِّ، أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -،
قَالَ: ((لاَ تَكْتُبُوْا عَنِّيْ شَيْئاً سِوَى القُرْآنِ، مَنْ كَتَبَ عَنِّيْ شَيْئاً سِوَى القُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ)) (¬1).
وَفِي رِوَايَةٍ: ((أنَّه اسْتَأْذَنَ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فِيْ كَتْبِ الْحَدِيْثِ فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ)) (¬2).
وَجَوَّزَهُ (¬3) جَمْعٌ مِنْهُمَا، كَعُمَرَ (¬4)، وابنِهِ (¬5) أَيْضَاً، وعَلِيٍّ (¬6)، وابنِهِ الْحَسَنِ (¬7) - رضيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَكَقَتَادَةَ (¬8)، وَعُمَرَ بنِ عَبْدِ الْعَزيزِ (¬9).
وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمَا: ((قَيِّدُوْا الْعِلْمَ بِالْكِتَابَةِ)) (¬10).
(وَ) لَكِنْ (الإجْمَاعُ) مُنْعَقِدٌ (عَلَى الْجَوازِ بَعْدَهُمْ) أي: بَعْدَ الصَّحَابَةِ والتَّابِعينَ، (بِالْجَزْمِ)، أي: مَجْزُوماً بِهِ، بحيثُ زَالَ ذَلِكَ الْخِلافُ؛ (لِقَولِهِ) - صلى الله عليه وسلم -، كَمَا في " الصَّحِيْحَيْنِ ": (((أكْتُبُوْا) لأبِيْ شَاهٍ)) (¬11).
¬__________
(¬1) صحيح مسلم 8/ 229 (3004)، وأخرجه أحمد 3/ 12 و21 و39 و46 و56. والدارمي (456)، والنسائي في الكبرى (8008) وفي فضائل القرآن (33) كلهم من طريق همام بن يحيى، عن زيد بن
أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري بِهِ مرفوعاً.
(¬2) تقييد العلم: 32 - 33.
(¬3) أي: وجوّزه بالقول أو الفعل جماعة، أي: قال بعضهم: إنّه جائز وفعله بعضهم فعلمنا بفعلهم له أنه جائز؛ لأنهم كانوا لا يقدمون على غير الجائز. وعبارة ابن الصلاح وممن روينا عنه إباحة ذلك أو فعله ... إلى آخره أفاده البقاعي 274 / ب.
(¬4) رواه عنه الرامهرمزي في المحدث الفاصل: 377، والخطيب البغدادي في تقييد العلم: 88.
قلنا: ورُويَ?عنه المنع من الكتابة، كما في تقييد العلم: 49 - 50 وجامع بيان العلم 1/ 64.
(¬5) رواه عنه الرامهرمزي في المحدث الفاصل: 366، وابن عبد البر في جامع بيان العلم 1/ 73.
(¬6) رواه عنه البخاري في صحيحه 1/ 38 حديث (111)، والخطيب البغدادي في تقييد العلم: 88 - 91، وابن عبد البر في جامع بيان العلم 1/ 71.
(¬7) رواه عنه الخطيب البغدادي في تقييد العلم: 91، وابن عبد البر في جامع بيان العلم 1/ 82.
(¬8) تقييد العلم: 41 - 48، والإلماع: 147.
(¬9) المصدران السابقان.
(¬10) تقييد العلم: 32 - 33.
(¬11) جزء من حديث طويل، أخرجه أحمد 2/ 238، والبخاري 1/ 38 - 39 (112) و 3/ 164 - 165 (2434) و 9/ 6 (6880)، ومسلم 4/ 110 - 111 (1355)، وأبو داود (2017) و (3649) و (4505) والترمذي (2667)، وابن حبان (3717)، والدارقطني 3/ 96 - 98 والبيهقي 8/ 52، وفي دلائل النبوة 5/ 84، والخطيب في الفقيه والمتفقه 1/ 91 كلهم من طريق يحيى ابن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.