كتاب فتح الباقي بشرح ألفية العراقي (اسم الجزء: 2)
كأن رَوَى البُخَارِيَّ راوٍ من روايةِ الفَرَبْرِي، وإبْرَاهِيْمَ بنِ معقلِ النَّسَفيِّ. وحَمّادِ ابنِ شاكرٍ النَّسَويِّ، فيَجْعَلُ راويَهِ في كتابِهِ للفَرَبْري: ((ف))، وللنَّسفيِّ: ((س))، وَلِحَمّادٍ: ((ح)) (¬1).
وَهَذا لاَ بَأسَ بِهِ، كَمَا قالَهُ ابنُ الصَّلاَحِ (¬2).
(و) مع ذَلِكَ (اخْتِيْرَ أَنْ لاَ يَرْمِزَا) أي: الأولى أنْ يَجْتَنبَ الرَّمْزَ، ويكتبَ عِنْدَ كُلِّ رِوَايَةٍ اسمَ راويهِ، بكمالِهِ؛ لأنَّ تَمْيِيْزَ الرَّمْزِ، إمَّا في أوَّلِ الكِتَابِ، أَوْ آخرِهِ، وقد تَسْقُطُ الورَقَةُ الّتي هُوَ فِيْهَا، فيوقعُ في الحيرةِ، فإنْ أخلَى كتابَهُ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ كرِهَ له لما يُوقعُ فِيْهِ غيرَهُ مِنَ الْحَيْرَةِ فِي فَهْمِ مرادِهِ (¬3).
(وَتَنْبَغِي) نَدْباً في إتْمَامِ الضَّبْطِ (الدَّارةُ) (¬4)، وَهِيَ حَلْقَةٌ (فَصْلاً)، أي: لِلْفَصْلِ بِها، لِلتَّمييزِ بَيْنَ الْحَدِيْثَيْنِ، فقد يَدْخُلُ عَجِزُ الأوَّلِ في صدرِ الثَّانِي أَوْ بالعَكْسِ فِيْمَا إِذَا تجرَّدتِ الْمُتونُ عَنْ أسانِيدِهَا.
وَمِنْهُم مَنْ لاَ يَقْتَصِرُ عَلَى الدارةِ، بَلْ يَتْركُ بقِيَّةَ السَّطرِ بَياضاً. وَكذا يفعلُ في التراجِمِ، ورُؤوسِ المسائِلِ.
(وارْتَضَى) ندباً (إغْفَالَها) أي: تركَهَا مِنَ النقطِ، بِحَيْثُ يَكُونُ غُفْلاً لا أثرَ بِهَا الْحَافِظُ (الْخَطِيبُ، حَتَّى) أي: إلى أَنْ (يُعْرَضَا) أي: يقابلَ كتابُهُ بالأصلِ، أَوْ نحوِهِ (¬5).
وَحِينئِذٍ فَكُلُّ حَدِيثٍ فَرغَ مِن عرضِهِ يَنقُطُ في الدائِرةِ الَّتِي تليهِ نقطةً، أَوْ يخطُّ في وسطِهَا خطّاً، لئلا يَشُكَّ بعدُ هل عارَضَهُ أَوْ لاَ؟ ولِيَعْرِفَ بِهِ كَمْ عَارَضَهُ مَرّةً حِيْنَ يُخَالِفُهُ فِيْهِ غَيْرُهُ (¬6).
¬__________
(¬1) فتح المغيث 2/ 156.
(¬2) معرفة أنواع علم الحديث: 349.
(¬3) انظر: شرح التبصرة والتذكرة 2/ 210.
(¬4) الجامع لأخلاق الرّاوي 1/ 272 قبيل (570)، ومعرفة أنواع علم الحديث: 349، وشرح التبصرة والتذكرة 2/ 210.
(¬5) الجامع لأخلاق الرّاوي 1/ 273.
(¬6) شرح التبصرة والتذكرة 2/ 210 - 211.
الصفحة 39