كتاب فتح الباقي بشرح ألفية العراقي (اسم الجزء: 2)

(أوْ) أجِزْهُ (إنْ أُتِمَّ) - بِضَمِّ أوَّلِهِ - إيْرَادُ الحَدِيْثِ مِنْهُ، أوْ مِنْ غَيْرِهِ مَرَّةً أُخْرى لِيُؤْمَنَ بِذَلِكَ مِنْ تَفْوِيْتِ حُكْمٍ أوْ نَحْوِهِ، وإلاَّ فَلاَ، وإنْ جَوَّزَ قَائِلُهُ الرِّوَايَةَ بالمَعْنَى، كَمَا قَالَهُ ابنُ الصَّلاَحِ (¬1)، وغَيْرُهُ (¬2).
(أوْ) أجِزْهُ (لِعَالِمٍ) عَارِفٍ - وإنْ لَمْ يُجِزِ الرِّوَايَةَ بالمَعْنَى - لا لِغَيْرِهِ.
فَهَذِهِ أرْبَعَةُ أقْوَالٍ (¬3).
(ومِزْ) أي: مَيِّزْ (ذَا) القَوْلَ الرَّابِعَ - وهوَ مَا عَلَيْهِ الجُمْهُوْرُ - عَنِ البَقِيَّةِ بِوَصْفِهِ (بالصَّحِيْحِ إنْ يَكُنْ مَا اخْتَصَرَهْ) بالحَذْفِ مِنَ المَتْنِ (مُنْفَصِلاً عَنِ) القَدَرِ (الَّذِي قَدْ ذَكَرَهْ) مِنْهُ، أي: غَيْرَ مُتَعَلِّقٍ بهِ تَعَلُّقاً يُخِلُّ حَذْفُهُ بالمَعْنَى؛ لأنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ خَبَرَيْنِ مُنْفَصِلَيْنِ.
أمَّا إذَا تَعَلَّقَ بهِ التَّعَلُّقَ المذْكُورَ، كالاسْتِثْنَاءِ، والغَايَةِ، والحَالِ، كَقَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((لاَ يُبَاعُ الذَّهَبُ بالذَّهَبِ إلاَّ سَوَاءً بِسَوَاءٍ)) (¬4)، فَلاَ يَجُوزُ حَذْفُهُ بِلاَ خِلاَفٍ، كَمَا مَرَّ.
وَقَوْلُهُ: (أوْ لِعَالِمٍ) إلى آخِرِهِ، قَالَ شَيْخُنَا: ((يَنْبَغِي أنْ لاَ يَكُونَ قَوْلاً برَأْسِهِ، بلْ يُجْعَلُ شَرْطاً لِمَنْ أجَازَ، فإنَّ مَنْعَ غَيْرِ العَالِمِ مِنْ ذَلِكَ لا يُخَالِفُ فِيْهِ أحَدٌ)) (¬5).
هَذَا كُلُّهُ في غَيْرِ المُتَّهَمِ. أمَّا المُتَّهَمُ فَيُمْنَعُ مِنْهُ، كَمَا قَالَ:
(ومَا لِذِي) أي: لِصَاحِبِ خَوْفٍ مِنْ تَطَرُّقِ (تُهْمَةٍ) إِلَيْهِ بالحَذْفِ (أنْ يَفْعَلَهْ) سَوَاءٌ رَوَاهُ ابْتِدَاءً ناقِصاً أمْ تَامّاً؛ لأنَّهُ إنْ رَوَاهُ تَامّاً بَعْدَ أنْ رَوَاهُ نَاقِصاً اتُّهِمَ بِزِيَادةِ مَا لَمْ
¬__________
(¬1) انظر: معرفة أنواع علم الحديث: 378.
(¬2) انظر: الكفاية: (290 ت، 190 هـ‍)، والبحر المحيط 4/ 361.
(¬3) انظر: الكفاية: (289 - 290 ت، 190 هـ‍)، ومعرفة أنواع علم الحديث: 379، وشرح التبصرة والتذكرة 2/ 269.
(¬4) رواهُ الطيالسي (2181)، وعبد الرزاق (14546)، والحميدي (744)، وأحمد 3/ 9 و 47، ومسلم 5/ 42 (1584) (77)، والطحاوي في شرح المشكل (6107)، وفي شرح المعاني 4/ 67.
(¬5) انظر: نزهة النظر: 128 - 129، ونسبه إلى الأكثرين.

الصفحة 76