كتاب فتح الباقي بشرح ألفية العراقي (اسم الجزء: 2)

التَّسْمِيْعُ بِقِرَاءَةِ اللَّحَّاْنِ، وَالْمُصَحِّفِ
(التَّسْمِيْعُ) أي: هَذَا حُكْمُ سَمَاعِ الشَّيْخِ، (بِقِرَاءةِ اللَّحَّانِ والمُصَحِّفِ) والمُحَرِّفِ، مَعَ الحَثِّ عَلَى تَعَلُّمِ النَّحْوِ، وعَلَى الأخْذِ مِنْ أَفْوَاهِ الشُّيُوخِ.
واللَّحْنُ: الخَطَأُ في الإعْرَابِ.
والتَّصْحِيْفُ: الخَطَأُ في الحُرُوْفِ، بالنُّقَطِ، كَإبْدَالِ الزايِ في ((البَزَّاز)) (¬1) رَاءً.
والتَّحْرِيْفُ: الخَطَأُ (¬2) فِيْهَا بالشَّكْلِ، كَقِرَاءةِ ((حَجَر)) - مُحَرَّكٌ أوَّلُهُ وثَانِيْهِ - بتَحْرِيْكِ أوَّلِهِ وإسْكَانِ ثَانِيْهِ.
639 - وَلْيَحْذَرِ اللَّحَّانَ وَالْمُصَحِّفَا ... عَلَى حَدِيْثِهِ بِأَنْ يُحَرِّفَا
640 - فَيَدْخُلاَ فِي قَوْلِهِ: مَنْ كَذَبَا ... فَحَقٌّ النَّحْوُ عَلَى مَنْ طَلَبَا
641 - وَالأَخْذُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ لاَ الْكُتُبِ ... أَدْفَعُ لِلتَّصْحِيْفِ فَاسْمَعْ وَادْأَبِ

(وَلْيَحْذَرِ) الشَّيْخُ الطَّالِبَ (اللَّحَّانَ) أي: كَثِيْرَ اللَّحْنِ في الأحَادِيْثِ، (وَالْمُصَحِّفَا)، والمُحَرِّفَ فِيْهَا، أي: لِيَحْتَرِزْ مِنْهُمْ، (عَلَى) بمَعْنَى: ((في)) (حَدِيْثِهِ)، وهذا تَنَازُعُهُ يُحْذَرُ. واللَّحَّانُ والمُصَحِّفُ (بِأَنْ يُحَرِّفَا) أي: بِسَبَبِ تَحْرِيْفِهِ مَثَلاً؛ (فَيَدْخُلا) أي: الشَّيْخُ والطَّالِبُ، أو، أي: الشَّيْخُ المفْهُومُ مِنْهُ الطَّالِبُ بالأولَى، (في) جُمْلَةِ (قَوْلِهِ) - صلى الله عليه وسلم -: (مَنْ كَذَبَا) عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)) (¬3).
لأنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَكُنْ يَلْحَنُ، فَمَهْمَا رَوَيْتَ عَنْهُ ولَحَنْتَ فِيْهِ كَذَبْتَ عَلَيْهِ.
(فَحَقٌّ النَّحْوُ) واللُّغَةُ، أي: واجِبٌ تَعَلُّمُهما (¬4) (عَلَى مَنْ طَلَبَا) الحَدِيْثَ، بأنْ يَتَعَلَّمَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا مَا يَتَخَلَّصُ بهِ منْ شَيْنِ اللَّحْنِ وأخَوَيْهِ ومَعَرَّتِهَا (¬5)؛ لأنَّ ذَلِكَ مُقَدِّمَةٌ لِحِفظِ الشَّرِيْعَةِ، وهوَ واجِبٌ، ومُقَدِّمَةُ الواجِبِ واجِبَةٌ.
¬__________
(¬1) في (م) و (ق) و (ص): ((البزار))، والصواب كَمَا أثبتناه من (ع)، والله أعلم.
(¬2) لم ترد في (ق).
(¬3) سبق تخريجه.
(¬4) في (م): ((تعلمها)).
(¬5) من معاني المعرة: الجناية، والمسبة، والإثم، والأمر القبيح والمكروه. انظر: تاج العروس 13/ 5 - 20.

الصفحة 78