(فَقِيْلَ): إنَّهُ (يُرْوَى كَيْفَ جَاءَ غَلَطا) - بنَصْبِهِ تَمْيِيزاً، أو حالاً -، أي: كَيْفَ جَاءَ غَلَطُهُ بِلَحْنٍ (¬1)، أو غَيْرِهِ عَمَلاً بِمَا سَمِعَ (¬2).
وقِيْلَ: لاَ يَرْوِيهِ عَنْ شَيْخِهِ أصْلاً. واخْتَارَهُ ابنُ عَبْدِ السَّلاَمِ: لأنَّهُ إنْ تَبِعَهُ فِيْهِ، فالنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَقُلْهُ، وإنْ أَوْرَدَهُ عَنْهُ عَلَى الصَّوابِ، فهوَ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ كَذَلِكَ (¬3).
وشَبَّهَ بِمَا لَوْ وَكَّلَهُ في بَيْعٍ فَاسِدٍ، فإنَّهُ لاَ يَسْتَفِيْدُ الفَاسِدُ؛ لأنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَأْذَنْ فِيْهِ، ولا الصَّحِيْحُ؛ لأنَّ المَالِكَ لَمْ يَأْذَنْ فِيْهِ.
(ومَذْهَبُ المُحَصِّلِيْنَ) مِنْ عُلَمَاءِ الحَدِيْثِ (¬4): أنَّهُ (يُصْلَحُ، ويُقْرَأُ الصَّوابُ) مِنْ أَوَّلِ الأمْرِ، وظَاهِرُهُ أنَّهُ لا فَرْقَ بَيْنَ المُغَيِّرِ للْمَعْنَى وغَيْرِهِ (¬5).
(وَهْوَ) أي: الإصلاحُ (الأرْجَحُ) أي: الأولى (في اللَّحْنِ) الذِي (لاَ يَخْتَلِفُ الْمَعْنَى بِهِ)، أما الَّذِي يختلفُ الْمَعْنَى (¬6) بِهِ، فيحتمِلُ أنْ يُصْلَحَ عِنْدَ الْمحصِّلينَ جزماً، وأنْ لا يَكُوْنَ الأولى عِنْدَهم إصلاحهُ.
¬__________
(¬1) في (م): ((للحن)).
(¬2) وهو ما ذهب إليه مُحمّد بن سيرين وعبد الله بن سخبرة. انظر: العلم لأبي خيثمة (134)، والمحدث الفاصل: 538 عقب (701)، والجامع لأخلاق الراوي 2/ 22 (1056)، والكفاية: (186 هـ، 285 ت)، وجامع بيان العلم 1/ 80.
(¬3) نقل مذهب العز بن عبد السلام تلميذه ابن دقيق العيد. انظر: الاقتراح: 294.
قال السخاوي: ((قال المصنف: ولم أر ذلك لغير العز، واستحسنه بعض المتأخرين)). فتح المغيث 2/ 232 وسبقه التقي ابن دقيق العيد. الاقتراح: 294.
(¬4) منهم: الأوزاعي وابن المبارك. وبه قال الأعمش والشّعبي، وحماد بن سلمة، وابن
معين، وأحمد بن صالح، والحسن بن مُحمّد الزعفراني، وابن المديني. انظر مذاهبهم في المحدث الفاصل: 524 فقرة (663)، والكفاية: (295 - 300 ت، 194 - 197 هـ)، والجامع لأخلاق الرّاوي 2/ 23 رقم (1060) و (1061)، وجامع بيان العلم 1/ 81.
(¬5) وهناك قول رابع أهمله المصنف، حكاه الزركشي في نكته 3/ 622 عن القابسي أنه نقل عن شيخه أبي الحسن مُحمّد بن هاشم البصري سؤاله لأبي عمران النسوي عن اللحن يوجد في الحديث؟ فَقَالَ: ((إن كَانَ شيئاً يقوله العرب -وَلَوْ كَانَ في غَيْر لغة قريش- فَلاَ يُغير؛ لأن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان يكلّم الناس بلسانهم وإن كان ممّا لا يوجد في كلام العرب فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يلحن))، واختاره ابن حزم. انظر: إحكام الأحكام 2/ 89.
(¬6) ساقطة من (ص).