كتاب فتح الباقي بشرح ألفية العراقي (اسم الجزء: 2)
والثاني أوفقُ بكلامِهِ في شرحِهِ (¬1).
(وَ) قَدْ (صَوَّبُوا) أي: أكثرُ الشُّيوخِ (الإبْقاءَ) لِذَلِكَ في الكُتُبِ مِن غَيْرِ إصْلاحٍ (مَعْ) بالإسْكانِ (تَضْبِيبِهِ) أي: التَّضْبِيبِ عَلَيْهِ مِنَ العارِفِ بِالْعَلامَةِ الْمنبِّهةِ عَلَى خَلَلِهِ، (وَيُذْكَرُ) مَعَ ذَلِكَ (الصَّوابُ) الذِي ظَهَرَ (جَانِباً) أي: بِجَانِبِ اللَّفْظِ الْمُخْتَلِّ عَلَى هَامِشِ الكِتَابِ.
(كَذَا عَنْ أكْثَرِ الشُّيوخِ، نَقْلاً) لِلْقَاضِي عِيَاض عَنْهُمْ (¬2) (أُخِذا) مِمَّا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ عَمَلُهُمْ، فَيَكْتُبُ الرَّاوِي عَلَى الْحَاشِيةِ: كَذَا قَالَ، وَالصَّوابُ كَذَا.
قَالَ ابنُ الصَّلاَحِ: ((فإنَّ ذَلِكَ أَجْمَعُ لِلْمَصْلَحَةِ، وَأَنْفى لِلْمفْسَدَةِ)) (¬3).
أي: لِما فِيْهِ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ الأمْرَينِ، ونفي التَّسْويدِ عَن الْكِتَابِ.
قَالَ: ((والأولى سَدُّ بابِ التغييرِ، والإصْلاحِ، لِئلا يَجْسُرَ عَلَى ذَلِكَ مَن لا يحسنُ، وَهُوَ أَسْلَمُ مَعَ التبيينِ، فيذكرَ ذَلِكَ عِنْدَ السَّمَاعِ، كَمَا وقعَ، ثُمَّ يذكرُ وجهَ صَوابِهِ)) (¬4).
(وَالْبَدْءُ (¬5) بِالصَّوابِ) أي: بَقراءتِهِ، ثُمَّ التَّنْبيهِ عَلَى مَا وَقَعَ في الرِّوَايَةِ (أَوْلَى وأسَدْ) - بِالمهملةِ -، أي: أقْوَى وأَقْوَمُ (¬6) مِن بدْئِهِ بالْخَطأِ الْمذكورِ آنفاً، كَيلا (¬7) يتقوَّلَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَا لَمْ يَقُلْهُ.
(وَأصْلَحُ الإصْلاحِ) أي: أحْسَنُ مَا يعتمدُ عَلَيْهِ في الإصْلاحِ، أنْ يَكُوْنَ ما أُصلِحَ بِهِ الْخَطأُ مَأخُوذاً (مِنْ مَتْنٍ) آخرَ (وَرَدْ) مِن طريقٍ أُخْرى؛ لأنَّهُ بِذَلِكَ أَمِنَ مِنْ أن يَكُوْنَ متقوِّلاً عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَا لَمْ يَقُلْهُ.
¬__________
(¬1) انظر: شرح التبصرة والتذكرة 2/ 275.
(¬2) انظر: الإلماع: 185 - 186. قال ابن فارس: ((وهذا أحسن ما سمعت في هذا الباب)) شرح التبصرة والتذكرة 2/ 277. قال الميانشي: ((وصوب بعض المشايخ هذا، وأنا استحسنه وآخذ به)). ما لا يسع المحدث جهله: 8 ط السامرائي.
(¬3) معرفة أنواع علم الحديث: 382.
(¬4) معرفة أنواع علم الحديث: 384.
(¬5) في (م): ((البدأ)).
(¬6) في (ص): ((أي أقوم)) وفي (ع): ((أي أقوى)) وما أثبتناه من (ق) و (م).
(¬7) في (ع): ((لئلا)).
الصفحة 81