كتاب فتح الباقي بشرح ألفية العراقي (اسم الجزء: 2)

قَالَ ابنُ الصَّلاَحِ: ((فإعادتُهُ ثانياً ذكرَ أحدِهِما خاصةً فِيْهَا إشْعارٌ بأنَّ اللفظَ المذكور لَهُ)) (¬1).
قَالَ النَّاظِمُ: ((وَيَحْتَمِلُ أنَّهُ أرادَ بإعادتِهِ بَيانَ التَّصْرِيحِ فِيْهِ بِالتَّحْدِيثِ، وأنَّ الأشجَّ لَمْ يصرِّحْ بِهِ)) (¬2).
(وَمَا) أتَى فِيْهِ الرَّاوِي (بِبعضِ) لفظِ (ذَا) أي: أحدِ الشَّيخينِ (و) بَعْضِ لَفْظِ (ذَا) أي: الآخرِ مِمَّا اتَّحَدَ فِيْهِ الْمَعْنَى، (وَقَالاَ) أي: وَقَالَ الرَّاوِي: (اقْتَرَبا) أي: الشَّيخانِ، أَوْ تَقَارَبا (في اللَّفْظِ)، أَوْ قَالَ: والمعنى واحدٌ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ.
(أَوْ لَمْ يَقُلِ) شَيْئاً مِن ذَلِكَ (صَحَّ) أَيْضاً (لَهُمْ) أي: لِمُجيزِي النَّقْلِ بالمعنى.
والأحسنُ أَيْضاً الْبَيَانُ، فَقَدْ عِيبَ بتركِهِ البُخَارِيُّ، وغيرُهُ، فِيْمَا قَالَهُ ابنُ الصَّلاَحِ (¬3). ثُمَّ ثَنَى بالْقِسْمِ الثَّانِي، فَقَالَ:
(والكُتْبُ) - بإسْكانِ التَّاءِ - الْمَسْمُوعةُ لِلرَّاوِي مِنْ شَيْخَينِ فأكثرَ (إِنْ تُقَابَلِ بأصْلِ شَيْخٍ) واحِدٍ (مِنْ شُيُوخِهِ) دُوْنَ مَنْ سِواهُ، (فَهَلْ يُسْمِي) - بإسْكانِ السِّينِ - عِنْدَ روايتِهِ لتلكَ الكُتُبِ (الْجَمِيْعَ) أي: جَمِيْع شيوخِهِ (مَعْ) - بالإسْكان - (بَيَانهِ) أَنَّ اللفظَ لِفلانِ الَّذِي قابَلَ بأصْلِهِ؟
(احْتَمَلْ) الْجَواز، كالأوَّلِ، وَهُوَ الظَّاهرُ؛ لأنَّ ما أوْرَدَهُ قَدْ سَمِعَهُ بنصِّهِ مِمَّنْ ذكرَ أنَّهُ (¬4) بلفظِهِ.
واحْتمَلَ عدَمَهُ؛ لأنَّهُ لا علمَ عِنْدَهُ (¬5) بكيفيةِ رِوَايَةِ مَنْ سِواهُ، حَتَّى يُخبِرَ عَنْهُ، بِخِلافِهِ في الأوَّلِ، فإنَّهُ اطلعَ فِيْهِ عَلَى مُوَافَقَةِ الْمَعْنَى (¬6).
¬__________
(¬1) معرفة أنواع علم الحديث: 388.
(¬2) شرح التبصرة والتذكرة 2/ 283.
(¬3) معرفة أنواع علم الحديث: 389.
(¬4) في (ق): ((ذكره)). و (أنه) لم ترد فيها.
(¬5) في (ق): ((له)).
(¬6) قال البدر بن جماعة: ((ويحتمل تفصيلاً آخر، وهو النظر إلى الطرق، فإن كانت متباينة بأحاديث مستقلة لم يجز، وإن كان تفاوتها في ألفاظ أو لغات أو اختلاف ضبط جاز)). المنهل الروي: 102. وانظر: نكت الزركشي 3/ 627 - 628، ومحاسن الاصطلاح: 345. ففيهما تفصيل يستحسن.

الصفحة 86