(والأكْثَرُ (¬1) جَوَّزَ أَنْ يُفْرِدَ بَعْضاً) مِنْهَا (بالسَّنَدْ) الْمَعْطُوفِ
عَلَيْهِ، (لآخِذٍ كَذَا) أي: جُوِّزَ ذَلِكَ لِمَنْ سَمِعَها كَذَلِكَ لأنَّ لِلْمَعْطُوفِ حُكْمَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، وَهُوَ بِمَثابةِ تَقْطِيعِ الْمَتْنِ الواحدِ في أبوابٍ بإسْنَادِهِ الْمَذْكورِ في أَوَّلِهِ. وَقَدْ قِيْلَ لوكيعٍ: الْمُحَدِّثُ يَقُوْلُ في أَوَّلِ الكِتَابِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، ثُمَّ يَقُوْلُ فِيْمَا بَعْدَهُ: وعَنْ مَنْصُوْرٍ، فَهَلْ يُقَالُ في كُلٍّ مِنْ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا فُلاَنٌ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ
مَنْصُوْرٍ (¬2)؟ فَقَالَ: ((نَعَمْ! لاَ بَأْسَ بِهِ)) (¬3).
والأقلُّ - كالأسْتاذِ أَبِي إسْحَاقَ الإسْفَرَايينِي - مَنَعَ من (¬4) ذَلِكَ؛ لإيْهَامِهِ أنَّهُ سَمِعَ كَذَلِكَ (¬5).
(وَ) مَعَ جَوازِهِ، (الإفْصاحُ) بِصورَةِ الْحَالِ بأنْ يُبيِّنَ أنَّهُ أخذَهُ بِلا سَنَدٍ (أَسَدْ) بالْمُهْمَلَةِ، أي: أقْومُ وأحسنُ، كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيْرٌ (¬6)، مِنْهُمْ: مُسْلِمٌ، كقولِهِ: ((حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ رافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرُ، عَنْ همامٍ، قَالَ: هَذَا مِمَّا حَدَّثَنَا (¬7) أَبُو هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وذكرَ أحاديثَ مِنْهَا: ((وَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: إنَّ أدْنَى مَقْعَدِ أحَدِكُمْ فِيْ الْجَنَّةِ أنْ يَقُوْلَ لَهُ تَمَنَّ)) الحَدِيْثُ (¬8).
¬__________
(¬1) منهم: وكيع، وابن معينٍ، والإسماعيلي. انظر: الكفاية: (322 ت، 214 - 215 هـ).
(¬2) من قوله: ((فهل يقال ... )) إلى هنا ساقط من (ق)).
(¬3) الكفاية: (322 ت، 214 - 215 هـ).
(¬4) لم ترد في (م).
(¬5) قال السخاوي: ((ومنع منه الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني في الأسئلة التي سأله عنها الحافظ أبو سعد ابن عليك، وقال: إنه لا يجوز أن يذكر الإسناد في كلّ حديث منها لمن سماعه على هذا الوصف)). فتح المغيث 2/ 252.
(¬6) انظر: نكت الزركشي 3/ 629، ومحاسن الاصطلاح: 349.
(¬7) في (م): ((حدثناه)).
(¬8) صحيح مسلم 1/ 114 (182) (301)، وأخرجه عبد الرزاق (20885)، وأحمد 2/ 315، وعبد الله ابن أحمد في زياداته على الزهد: 22، وبحشل في تاريخ واسط: 160. وأبو يعلى (6316)، وابن حبان (6158) و (7418)، والبيهقي (390)، وابن عبد البر في جامع بيان العلم 2/ 17.