كتاب فتح الباقي بشرح ألفية العراقي (اسم الجزء: 2)

(وَمُسْلِمٌ عَنْهُ) أي: عَن الْمَجْروحِ رُبَّمَا (كَنَى) حَيْثُ يسقُطُ اسْمَهُ، ويصرحُ بالثِّقَةِ، ثُمَّ يَقُوْلُ: ((وآخر)) كنايةً عَن الْمَجْروحِ، (فَلَمْ يُوَفْ) مُسْلِمٌ بالْخُرُوجِ عَنْ عُهْدَةِ الْمَجْرُوحِ إِنْ اخْتَصَّ عَنِ الثِّقَةِ بِزَيادةٍ (¬1). وَلِهَذا الفعلِ فائدتانِ:
1 - الإشْعارُ بضعفِ الْمُبْهَمِ.
2 - وكثرةُ الطُرُقِ التِي يرجحُ بِهَا عِنْدَ الْمُعارضةِ.
وإنْ قَالَ الْخَطِيْبُ: إنَّهُ لا فائِدَةَ لَهُ (¬2).
(وَ) أمّا (الْحَذْفُ) لأحَدِ الرَّاويينِ (حَيْثُ وُثِقَا، فَهْوَ أَخَفْ) مِمَّا قَبْلَهُ، وإنْ تطَرَّقَ إِلَيْهِ مثلُ الاحْتِمالِ السَّابقِ؛ لأنَّ الظَّاهِرَ اتفاقُ الرِّوَايَتَينِ.
(وإنْ يَكُنْ) مَجْمُوْعُ الْحَديثِ عَنْ رُوَاةٍ ملفَّقاً، بأنْ كَانَ (عَنْ كُلِّ راوٍ) مِنْهُمْ (قِطْعَهْ) مِنْهُ (أَجِزْ بِلا مَيْزٍ) أي: تَمييزٍ لما تحمَّلَ كُلٌّ مِنْهُمْ مِنْهُ
(بِخَلْطِ) أي: أَجِزْ (جَمْعَهْ) مُخْتلِطاً بِلاَ تَمْييزٍ، لَكِنْ (مَعَ البَيانِ) لِذَلِكَ، وَلَوْ إجْمَالاً.
(كَحَدِيْثِ الإفْكِ)، فإنَّهُ في " الصَّحِيْحِ " (¬3) مِن رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَة بنِ الزُّبَيْر، وَسَعيدِ بنِ الْمُسيِّبِ، وَعَلْقَمَة بنِ وقاصٍ، وعُبيدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبة، كُلُّهُمْ عَنْ عَائِشَةَ. قَالَ الزُّهْريُّ: ((وَكُلٌّ حَدَّثَنِي طَائِفَةً مِن حَدِيْثِها، وَبَعْضُهُم أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضٍ)).
(وَجَرْحُ بَعْضٍ) مِن الْمَرْوِيِّ عَنْهُمْ إنِ اتَّفَقَ في حَدِيْثٍ مِنْ غَيْرِ بيانٍ (مقتضٍ للتَّرْكِ) لِجَمِيْعِ الْحَدِيْثِ؛ إِذْ ما مِن قِطْعةٍ مِنْهُ إلاَّ وجَائزٌ أنْ تَكُوْنَ عَنْ ذَلِكَ الرَّاوِي الْمَجْرُوحِ.
¬__________
(¬1) وكذلك صنع الإمام البخاري والنسائي، انظر: تهذيب الكمال 4/ 255 - 256 ترجمة عبد الله بن لهيعة.
(¬2) في (م): ((فيه)). وهو الموافق لما في الكفاية فانظرها: (537 ت، 378 هـ‍).
قلنا: تعقبه البلقيني فقال: ((فائدته الإعلام بأنه رواه عن رجلين، وأن المذكور لم ينفرد، وفيه إعلام بتتبع الطرق)). محاسن الاصطلاح: 357. واقتبسه تلميذه الزركشي في نكته 3/ 634.
(¬3) صحيح البخاري 3/ 219 (2637) و 4/ 40 (2879) و 5/ 110 (4025) و148 (4141) و 6/ 95 - 96 (4690) و 8/ 168 (6662) و 172 (6679) و 9/ 139 (7369) و 176 (7500).

الصفحة 97