كتاب فضائل شهر رمضان لعبد الغني المقدسي

فَيُسَلِّمُونَ عَلَى كُلِّ قَائِمٍ , وَقَاعِدٍ , وَمُصَلٍّ , وَذَاكِرٍ، فَيُصَافِحُونَهُمْ، وَيُؤَمِّنُونَ عَلَى دُعَائِهِمْ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ.
فَإِنْ طَلَعَ الْفَجْرُ نَادَى جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ: يَا مَعْشَرَ الْمَلائِكَةِ، الرَّحِيلَ الرَّحِيلَ، فَيَقُولُونَ: يَا جِبْرِيلُ , مَا صَنَعَ اللَّهُ فِي حَوَائِجِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَيَقُولُونَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَظَرَ إِلَيْهِمْ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ فَعَفَى عَنْهُمْ، وَغَفَرَ لَهُمْ إِلا أَرْبَعَةً.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَهُؤَلاءِ الأَرْبَعَةُ مُدْمِنُ خَمْرٍ، وَعَاقٌّ لِوَالِدَيْهِ، وَقَاطِعُ رَحِمٍ، وَمُشَاحِنٌ» ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْمُشَاحِنُ؟ قَالَ: «الْمُصَارِمُ» .
فَإِذَا كَانَتْ غَدَاةُ الْفِطْرِ يَبْعَثُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الْمَلائِكَةَ فِي كُلِّ بَلَدٍ، فَيَهْبِطُونَ إِلَى الأَرْضِ، فَيَقُومُونَ عَلَى أَفْوَاهِ السِّكَكِ , فَيُنَادُونَ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ جَمِيعُ مَنْ خَلَقَ اللَّهُ إِلا الْجِنَّ وَالإِنْسَ , فَيَقُولُونَ: يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ , اخْرُجُوا إِلَى رَبٍّ كَرِيمٍ، يَغْفِرِ الْعَظِيمَ.
فَإِذَا بَرَزُوا فِي مُصَلاهُمْ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا مَلائِكَتِي، مَا جَزَاءُ الأَجِيرِ إِذَا عَمِلَ عَمَلَهُ؟ تَقُولُ الْمَلائِكَةُ: إِلَهَنَا وَسَيِّدَنَا جَزَاؤُهُ أَنْ تُوَفِّيَهُ أَجْرَهُ، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أُشْهِدُكُمْ يَا مَلائِكَتِي أَنِّي قَدْ جَعَلْتُ ثَوَابَهُمْ مِنْ صِيَامِهِمْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَقِيَامِهِمْ رِضَايَ وَمَغْفِرَتِي.
فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: سَلُونِي، فَوَعِزَّتِي وَجَلالِي لا تَسْأَلُونِي الْيَوْمَ شَيْئًا فِي جَمْعِكُمْ هَذَا لآخِرَتِكُمْ إِلا أَعْطَيْتُكُمُوهُ، وَلا لِدُنْيَاكُمْ إِلا نَظَرْتُ لَكُمْ، وَعِزَّتِي لأَسْتُرَنَّ عَلَيْكُمْ عَوْرَاتِكُمْ مَا رَاقَبْتُمُونِي، وَعِزَّتِي لا أُخْزِيكُمْ , وَلا أَفْضَحُكُمْ بَيْنَ أَصْحَابِ الْحُدُودِ أَوِ الْجُدُودِ , شَكَّ أَبُو عَمْرٍو، وَانْصَرِفُوا

الصفحة 60