كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 1)

والحسن البصري، وكيف يعرض له، وهو أخص أصحابه، وقد سمع منه كثيرًا ... ".
قلت: وهذا وهم من الحافظ فإن أشعث هذا ليس من أصحاب الحسن المشهورين، ولعله أراد أشعث بن عبد الملك الحمراني، فإنه من أصحاب الحسن ممن أكثر الرواية عنه، وسمع منه الكثير، وهو من الطبقة الثانية من أصحاب الحسن عند ابن المديني [انظر: التاريخ الكبير (١/ ٤٣١)، شرح علل الترمذي (٢٧٥)، التهذيب (١/ ٣٦٧)، الميزان (١/ ٢٦٦)].
ولعل الذي أدى به إلى الخلط بينهما: ما وقع في بعض نسخ النسائي: "عن الأشعث بن عبد الملك" وهو وهم أيضًا، فإن المزي لم يثبت هذا الاختلاف في أطرافه (٧/ ١٧٣).
وإنما نسبه رواة الحديث فقالوا: أشعث بن عبد الله، وهو كذلك في بعض النسخ من سنن النسائي، وهذا هو الذي اعتمده المزي وغيره.
وأما الحسن البصري فلم أر تصريحًا له بالسماع في طرق الحديث، وهذا لا يُعِلُّ الإسناد بشيء، أعني: عنعنة الحسن فيه، فإنها مقبولة محمولة على الاتصال، فقد ثبت للحسن البصري سماع من عبد الله بن مغفل في غير هذا الحديث، وقد أثبت له السماع منه: أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي بن المديني وأبو حاتم والبزار والبرديجي [انظر: العلل ومعرفة الرجال (٢/ ١١١/ ١٧٣١)، مسائل صالح (٦٣٤ و ٦٣٦)، المراسيل (١٥١)، تاريخ ابن معين (٣/ ١٣٦/٣٢)، من كلام أبي زكريا للدقاق (١ ٣٩)، معرفة الرجال لابن محرز (٦٦١)، العلل لابن المديني (٥٠)، التاريخ الكبير (٧/ ٣٨٤)، التاريخ الأوسط (١/ ٢٢٩/ ١٠٩٧ و ١٠٩٨)، كنى البخاري (٣٩)، الجرح والتعديل (٣/ ٤١) و (٩/ ٣٨١)، مسند أحمد (٥/ ٥٦)، الكامل (٥/ ١٠٨)، التمهيد (٢٢/ ٣٣٣)، نصب الراية (١/ ٩٠)، البدر المنير (٤/ ١١٦)، تحفة التحصيل (٧٣)].
ولا يقال بأن الحسن مدلس فترد عنعنته حتى يصرح بالسماع، وذلك أن تدليس الحسن إنما هو من نوع ما أسماه ابن حجر بالإرسال الخفي، يعني: رواية المعاصر عمن لم يلقه ولم يسمع منه بصيغة موهمة، وهذا النوع من التدليس لا ترد عنعنته طالما ثبت سماعه من شيخه ولو مرة فلا يطلب السماع في كل حديث بعينه لكونه محمولًا على الاتصال.
فإن قيل: إن مجرد وصفه بالتدليس كافٍ لرد عنعنته.
فيقال: إن الذي عليه المتقدمون وجمهور المتأخرين أن التدليس يطلق على رواية الراوي عمن سمع منه ما لم يسمع منه، وروايته عمن عاصره ولم يلقه، وتدليس الحسن من النوع الثاني لا الأول.
فإن قيل: فما الدليل على هذا؟
فيقال: بأن الذين وصفوا الحسن بالتدليس هم: خلف بن سالم [معرفة علوم

الصفحة 101