كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 1)

وقد صحح أبو زرعة سماعه منه [جامع التحصيل (٦٣٣)، تحفة التحصيل (٢٦٤)].
ومن قبلهما ابن المديني قد أثبت له السماع منه [جامع التحصيل. تحفة التحصيل. البدر المنير، التلخيص، تحفة المحتاج (١/ ١٦٢)].
ثم إن الإمام أحمد لم ينكر سماع قتادة من ابن سرجس، وإنما توقف فيه كما في رواية حرب المتقدمة [المراسيل (٦١٩)].
ويؤيد ذلك أن ابنه عبد الله سأله فقال: "قتادة سمع من عبد الله بن سرجس؟ " قال: "ما أشبهه، قد روى عنه عاصم الأحول" [العلل (٣/ ٨٦/ ٤٣٠٠)].
يعني: أن عاصمًا سمع من ابن سرجس، مع كونه أصغر سنًا من قتادة؛ فسماع قتادة منه أشبه.
بل إنه يبدو لي أن الإمام أحمد بعد ذلك بدا له ثبوت ذلك فجزم به، فقد قال ابنه عبد الله في العلل (٣/ ٢٨٤/ ٥٢٦٤): "قيل [يعني: لأبيه]: سمع قتادة من عبد الله بن سرجس؟ قال: نعم. قد حدث عنه هشام. يعني: عن قتادة عن عبد الله بن سرجس حديثًا واحدًا. وقد حدث عنه عاصم الأحول".
فوافق بذلك الإمام أحمد: ابن المديني وأبا زرعة وأبا حاتم، في إثبات السماع لقتادة من ابن سرجس بهذا الحديث وحده.
فدل ذلك على اتصاله عندهم، فلا يقال بعد ذلك بأن قتادة مدلس، ولم يصرح بالسماع فترد روايته هذه، لا سيما وشأن قتادة في التدليس قريب من شأن الحسن البصري، أعني: أن الغالب عليه التدليس عمن لم يسمع منه أصلًا أو لم يلقه، فإذا ثبت لنا سماعه فتحمل عنعنعته إذًا على الاتصال.
وممن ذكر قتادة في طبقة من احتمل الأئمة تدليسه: ابن حزم في إحكام الأحكام (١/ ١٤١)، ومع هذا فقد ذكره ابن حجر والعلائي في الطبقة الثالثة [تعريف أهل التقديس (٩٢)، جامع التحصيل (١١٣)].
وهذا الحاكم قد رفع شأنه، وذكره في الجنس الأول من أجناس المدلسين ممن يدلس عن الثقات [المعرفة (١٤٢)] وصحح له هذا الحديث.
• ثم إن المتن ليس فيه ما يستنكر: فإن البول في الجحر قد يعود على فاعله بأذى الهوام التي تسكن هذه الأجحرة، أو يتأذى بذلك الحيوان الساكن فيها إن كان ضعيفًا، أو قد يكون ساكنه جنًّا فيؤذيه كما قال قتادة.
قال ابن القيم في إعلام الموقعين (٣/ ١٤٧): "وما ذاك إلا لأنه قد يكون ذريعةً إلى خروج حيوان يؤذيه، وقد يكون من مساكن الجن فيؤذيهم بالبول فربما آذوه" [وانظر: المجموع (٢/ ١٠٤)، المغني (١/ ١٠٩)، المبدع (١/ ٨٣)].
وأما قول العراقي: "ويؤيده الأثر الصحيح أن سعد بن عبادة بال في جحر، فخر ميتًا، فسُمعت الجن تقول:

الصفحة 110