كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 1)

رزق القبول من الناس كافة، فصار حكمًا بين فرق العلماء وطبقات الفقهاء على اختلاف مذاهبهم، فلكلٍ فيه وِردٌ ومنه شِربٌ"، ثم أطال في الثناء عليه، وبيان فضله على غيره من الكتب، وأوضح أنه اتفق لأبي داود ما لم يتفق لغيره ممن سبقه من المصنفين: جمعُ أحاديث الأحكام والسنن، وتلخيصها، وترتيبها، واختصار مواضع الشاهد منها من أصولها الطوال، وحكى عن إبراهيم الحربي أنه قال: "ألين لأبي داود الحديث، كما أُلين لداود الحديد"، وحكى عن شيخه ابن الأعرابي أن رجلًا لو لم يكن عنده من العلم إلا المصحف وسنن أبي داود لكفاه، ثم ختم كلامه بقوله: "وقد جمع أبو داود في كتابه هذا من الحديث في أصول العلم وأمهات السنن وأحكام الفقه ما لا نعلم متقدمًا سبقه إليه، ولا متأخرًا لحقه فيه" [وانظر في مسألة استيعاب سنن أبي داود لأحاديث الأحكام: رسالة أبي داود إلى أهل مكة (٢٦)، روضة الطالبين (١١/ ٩٥)، البحر الذي زخر (٣/ ١١٣٨)].
وقال الحافظ زكريا الساجي: "كتاب الله أصل الإسلام، وكتاب أبي داود عهد الإسلام" [تاريخ دمشق (٢٢/ ١٩٧)، تذكرة الحفاظ (٢/ ٥٩٣)، السير (١٣/ ٢١٥)، تاريخ الإسلام (٢٠/ ٣٦٠)، ختم سنن أبي داود لعبد الله بن سالم البصري (٧٢)].
وقال الخطيب: "ويقال: إنه صنفه [يعني: كتاب السنن] قديمًا، وعرضه على أحمد بن حنبل فاستجاده واستحسنه"، قال أبو طاهر السِّلفي: "وحسبه ذلك فخرًا" [تاريخ بغداد (٩/ ٥٦)، تاريخ دمشق (٢٢/ ١٩٤)، السير (١٣/ ٢٠٩)، تاريخ الإسلام (٢٠/ ٣٥٩)، البداية والنهاية (١١/ ٥٥)، مقدمة السلفي على المعالم (٤/ ٣٢٨)].
وقال الذهبي في السير (١٣/ ٢١٥): "كان أبو داود مع إمامته في الحديث وفنونه من كبار الفقهاء، فكتابه يدل على ذلك، وهو من نجباء أصحاب الإمام أحمد، لازم مجلسه مدة، وسأله عن دقاق المسائل في الفروع والأصول، وكان على مذهب السلف في اتباع السُّنَّة والتسليم لها وترك الخوض في مضائق الكلام.
روى الأعمش عن إبراهيم عن علقمة، قال: كان عبد الله بن مسعود يشبَّه بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في هديه ودَلِّه، وكان علقمة يشبه بعبد الله في ذلك، قال جرير بن عبد الحميد: وكان إبراهيم النخعي يشبه بعلقمة في ذلك، وكان منصور يشبه بإبراهيم، وقيل: كان سفيان الثوري يشبه بمنصور، وكان وكيع يشبه بسفيان، وكان أحمد يشبه بوكيع، وكان أبو داود يشبه بأحمد" [انظر: تاريخ بغداد (٩/ ٥٦ - ٥٨)].

الصفحة 12