كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 1)
بعرة علف لدوابكم"، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فلا تستنجوا بهما فإنهما طعام إخوانكم [وفي رواية: زاد إخوانكم من الجن] ".
هكذا جزم ابن مسعود نفسه -من رواية علقمة صاحبه عنه-، وكذا ابنه أبو عبيدة بعدم حضور ابن مسعود ليلة الجن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالأسانيد الصحيحة المتصلة، وبذا تكون جهيزة قد قطعت قول كل خطيب.
• وبهذا احتج الأئمة:
قال ابن المديني في العلل (١٠٠) في حديث ابن مسعود في ليلة الجن: "رواه غير واحد عن عبد الله؛ منهم: علقمة، وأبو عثمان النهدي، وعمرو البكالي، وأبو عثمان بن سَنَّة الخزاعي، وأبو زيد مولى عمرو بن حريث، فأما علقمة: فكان منكرًا أن يكون ابن مسعود معه ليلة الجن، وكان أعلمهم بعبد الله ... ".
وقال ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث (٣٢): "وأصحاب الحديث لا يثبتون حديث الزط وما ذكر من حضوره مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن، وهم القدوة عندنا في المعرفة بصحيح الأخبار وسقيمها ... ".
وقال الدارقطني في العلل (٥/ ٣٤٧): "والصحيح: ما رُوي عن ابن مسعود أنه لم يشهد مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن، والله أعلم".
وقال في السنن (١/ ٧٧) بعد رواية الشعبي عن علقمة: "وهذا الصحيح عن ابن مسعود" يعني: عدم شهوده ليلة الجن.
وقال البيهقي في الخلافيات (١/ ١٤٢ - مختصره): "فهذان الخبران اللذان اتفق العلماء بصحيح الأخبار وسقيمها على صحتهما وعدالة رواتهما يدلان على أن عبد الله لم يكن مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن، وانظر: المعرفة (١/ ١٤٠).
وقال في الدلائل (٢/ ٢٣٠): "والأحاديث الصحاح تدل على أن عبد الله بن مسعود لم يكن مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن، وإنما كان معه حين انطلق به وبغيره يريهم آثار الجن وآثار نيرانهم".
وبهذا احتج ابن عدي في رد حديث أبي زيد في الوضوء بالنبيذ؛ وهو ما فهمه من مسلك البخاري في تاريخه الكبير (٢/ ٢٠١)، والأوسط (١/ ٣٤١ - ٣٤٢) وعليه يدل مسلكه.
وهو أيضًا ما يدل عليه مسلك مسلم في الصحيح، وسبق نقل كلام أبي عبيد القاسم بن سلام في هذا المعنى.
وقال النووي في شرح مسلم (٤/ ١٦٩): "هذا صريح في إبطال الحديث المروي في سنن أبي داود وغيره: المذكور فيه الوضوء بالنبيذ، وحضور ابن مسعود معه - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن، فإن هذا الحديث: صحيح، وحديث النبيذ: ضعيف باتفاق المحدثين، ومداره على أبي زيد مولى عمرو بن حريث، وهو مجهول".
الصفحة 133
424